كان عمل هؤلاء الصحابة هو النسخ كما قال زيد بن ثابت رضي الله عنه (ت45هـ): «فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ... حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان المصحف إلى حفصة» (?)، فلم يضيفوا شيئاً جديداً، ثم بعد اكتمال النسخ أرسلوا نسخاً إلى الأمصار، وحرَّق ما سواها، فجمع ما عند الصحابة من نسخ وأحرقها إلا ابن مسعود رضي الله عنه الذي انفرد بالاعتراض ـ فكان موقفه فرديّاً، فاحتفظ بمصحفه واستشهد بقوله: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَاتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] وتبنى هذا الموقف ومات عليه؛ ولذا بقيت كثير من القراءات التي تنسب إلى ابن مسعود (ت32هـ) تخالف مصحف عثمان وإن كان يوجد قراءات غيرها تخالف مصحف عثمان كقراءة أُبَيّ (ت21هـ) أو أبي الدرداء (ت32هـ) لكن أكثر الموجود مما يخالف مصحف عثمان هو مما روي عن ابن مسعود.
والحكمة التي أرادها عثمان من حرق المصاحف ألا يبقى شيء يخالف المصحف الذي أجمع عليه الصحابة وكتبوه في هذه المصاحف.
وكان عدد النسخ التي كتبت ـ على الصحيح ـ ستة:
1 - نسخة اختص بها عثمان، وهي التي قُتل، وهي بين يديه يقرأ منها.
2 - نسخة جعلها بين يدي زيد يقرئ بها أهل المدينة.
3 - نسخة لأهل الكوفة.
4 - نسخة لأهل مكة.
5 - نسخة لأهل البصرة.
6 - نسخة لأهل الشام
ومما يلحظ أن هذه الأمصار التي ذهبت إليها النُّسَخ هي التي خرج منها القراء، وهي التي اعتُمد عليها في عدِّ الآي.