ثانياً: الوقف الكافي:
ذكر المؤلف وصفه للوقف الكافي، فقال: (وإن كان الكلام الأول مستقلاًّ يفهم دون الثاني إلا أن الثاني غير مستقل إلا بما قبله. فالوقف على الأول كافٍ، وذلك في التوابع والفضلات كالحال والتمييز والاستثناء وشبه ذلك إلا أن وصل المستثنى المتصل آكد من المنقطع، ووصل التوابع والحال إذا كانت أسماء مع ذاتٍ آكد من وصلها إلا إذا كانت جملة)، وهذا الذي قاله أشبه بالوقف الحسن عند الجمهور؛ لأن التوابع ألصق بالوقف الحسن والقبيح من غيرهما.
الوقف الكافي عند الجمهور:
هو ما كان فيه ارتباط من جهة المعنى وليس من جهة الإعراب كالوقف عند قوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [البقرة: 7] فهناك ارتباط في المعنى بين الجملتين، لكن من حيث الإعراب هي جملة إعرابية تامة، ومن ضوابط الوقف الكافي وجود الروابط اللفظية غير الإعرابية مثل الضمائر في {قُلُوبِهِمْ}، و {سَمْعِهِمْ} فهي تدلُّ أن الحديث عن سابقين في هذا السياق.
مثال آخر: الوقف عند قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}، ثم البدء بقوله: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النمل: 34] ففيه ارتباط بما قبله من جهة المعنى؛ سواء كان قوله: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} من كلام الله أو من كلام بلقيس على حسب الخلاف الوارد عند المتأخرين في التفسير.
فائدة:
لما أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم ابن مسعود (ت32هـ) أن يقرأ عليه سورة النساء، ووصل إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] قال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «حسبك