الباب التاسع
الوقف
قال: الباب التاسع: في المواقف، وهي أربعة أنواع: موقف تام، وحسن، وكاف، وقبيح. وذلك بالنظر إلى الإعراب والمعنى، فإن كان الكلام مفتقراً إلى ما بعده في إعرابه أو معناه، وما بعده مفتقراً إليه كذلك لم يجز الفصل بينهما، والوقف على الكلام الأول قبيح، وذلك الفصل بين كل معمول وعامله، وبين كل ذي خبر وخبره، وبين كل ذي جواب وجوابه، وبين كل موصولٍ وصلته، وإن كان الكلام الأول مستقلاًّ يفهم دون الثاني إلا أن الثاني غير مستقل إلا بما قبله. فالوقف على الأول كافٍ، وذلك في التوابع والفضلات كالحال، والتمييز، والاستثناء، وشبه ذلك، إلا أن وصْل المستثنى المتصل آكد من المنقطع، ووصل التوابع والحال إذا كانت أسماء مفردة آكد من فصلها إلا إذا كانت جملة، وإن كان الكلام الأول مستقلاًّ والثاني كذلك، فإن كانا في قصة واحدة فالوقف على الأول حسن، وإن كانا في قصتين مختلفتين فالوقف تام. وقد يختلف الوقف باختلاف الإعراب أو المعنى، ولذلك اختلف الناس في كثيرٍ من المواقف، ومن أقوالهم فيها راجح ومرجوح وباطل، وقد يقف لبيان المراد وإن لم يتم الكلام.
تنبيه: هذا الذي ذكرنا من رعي الإعراب والمعنى في المواقف استقر عليه العمل، وأخذ به شيوخ المقرئين، وكان الأوائل يراعون رؤوس الآيات فيقفون عندها لأنها في القرآن كالفِقَر في النَّثْرِ والقَوافِي في الشعر،