وجوده فإنه لا يقع خلل في نقل القرآن؛ لأن أغلب من نزل عليهم القرآن كانوا يستظهرونه، ولم يكونوا أهل عناية بكتابته لسببين:
الأول: قوة الحفظ والاستظهار عندهم.
الثاني: قلَّة أدوات الكتابة عندهم.
لكن هذا الرسم أفاد ـ مع تقدم الزمن ـ في ضبط القرآن، وصار معياراً لردِّ بعض القراءات الشاذَّة؛ إذ ليس كل القراءات الشاذة تخالف رسم المصحف.
الشرط الأول: موافقته لمصحف عثمان بن عفان:
مما يلاحظ في سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه لم ينشط لكتابة القرآن إلا عندما جاء إلى المدينة، وقد كتبه مفرَّقاً على اللخاف والأكتاف والسُّعُف وغيرها، ثم لما توفي صلّى الله عليه وسلّم جمعه أبو بكر، ثم في عهد عثمان نُسِخَت المصاحف من مصحف أبي بكر.
فالقاعدة المعتمدة على المسألة التاريخية لحفظ القرآن وتدوينه: أن الرسم متأخر عن القراءة، وأن القراءة أصل والرسم فرع، وأنه لا يلزم أن يكون الرسم ـ دائماً ـ موافقاً للفظ، وهذا ليس في تدوين القرآن ولا في الإملاء الذي بين يدينا اليوم، بل هذا معروف في جميع لغات العالم، فالمرسوم لا يلزم أن يطابق جميع الملفوظ، بل قد يوجد أحرف زوائد أو أحرف ناقصة، وأهل كل لغة يعرفون ذلك من لغتهم ولا يحتاجون فيها إلى معلم خارجي يبين لهم ذلك، وإنما يحتاج ذلك من لم تكن لغته مثل لغتهم.
وإذا عرفنا هذه القاعدة نعلم أن كل ما يقال من نقص الرسم أو أن الرسم سبب في الخطأ في القراءة فهو باطل.
وإذا نظرت إلى مزاعم المستشرقين من أن هناك خطأ في رسم