قال الإمام المحقق ابن عرفة المالكي: يخشى على المبتدئ منه أكثر مما يخاف على الزمخشري، فالزمخشري لما علمت الناسُ منه أنه مبتدع تخوَّفوا منه، واشتهر أمره بين الناس أن فيه من الاعتزال المخالف للصواب، وأكثر من تبديعه وتضلليه وتقبيحه وتجهيله، وابن عطية سني، لكن لا يزال يُدخِل من كلام بعض المعتزلة ما هو من اعتزاله في التفسير، ثم يقره وينبه عليه ويُعتقد أنه من أهل السنة، وأن ما ذكره من مذهبهم الجاري على أصولهم، وليس الأمر كذلك، فكان ضرر تفسير ابن عطية أشد وأعظم على الناس من ضرر الكشاف» (?).

ولا شك أن كلام ابن حجر الهيتمي وابن عرفة في ابن عطية فيه نظر وليس على إطلاقه، وإن كان ابن عطية قد ذكر بعض كلام المعتزلة ولم ينتقده، لكنه في الحقيقة قليل، أما الأصول التي سار عليها فهي على أصول ابن فورك (ت406هـ)، والجويني (ت478هـ)، وهو قد قرأ كتبهما كما ذكره هو في فهرست شيوخه، وإذا جاء إلى الآيات المرتبطة بالاعتقاد سواء في الصفات أو في القدر أو في القرآن أو غيرها سار على مذهب هؤلاء وهم من المتكلمين الأشاعرة.

و «تفسير ابن عطية» من أنفس كتب التفسير، وفيه عناية بتوجيه أقوال المفسرين، وله في ذلك ما لم يُسبق ـ فيما أعلم ـ إليه، ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: 65]، قال: «و: {تَفَكَّهُونَ} قال ابن عباس ومجاهد وقتادة معناه: تعجبون، وقال عكرمة: تلامون. وقال الحسن معناه: تندمون، وقال ابن زيد: تتفجعون، (وهذا كله تفسير لا يخص اللفظة، والذي يخص اللفظ، هو: تطرحون الفاكهة عن أنفسكم وهي المسرة والجدل) (?)، ورجل فكه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015