ينسب العلم إلى شيخه علي رضي الله عنه، ومما يلحظ أن علياً رضي الله عنه توفي سنة أربعين، وابن عباس رضي الله عنه توفي سنة ثماني وستين؛ أي: بقي ابن عباس رضي الله عنه ثماني وعشرين سنة بعد عليٍّ رضي الله عنه، ولا شك أنه حصَّل في هذه السنين كثيراً من العلوم، لكن لا يمنع أن يكون استفاد من علي رضي الله عنه استفادة كبيرة لا سيما أن ابن عباس رضي الله عنه كان حريصاً على أخذ العلم عن كبار الصحابة، وعلي رضي الله عنه كان أطول الخلفاء الأربعة عُمُراً، وأكثرُهم تفرغاً، فتلقى ابن عباس منه شيئاً كثيراً، ولا شك أن علياً رضي الله عنه كان يقدم ابن عباس ويحبه؛ لذا ولاَّه على البصرة لما آلت الخلافة إليه.
أما عِلْمُ علي رضي الله عنه بالقرآن فهذا لا خلاف فيه، وقد وقف على المنبر ـ لما كان في الكوفة ـ وقال: «لا يسألني أحد عن آية من كتاب الله إلا أخبرته»، فقام ابن الكواء ـ وهو من الخوارج ـ وسأله عن الذاريات {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات: 1]، وغيرها.
وفي رواية عن أبي الطفيل قال علي رضي الله عنه: «لا تسألني عن كتابٍ ناطقٍ ولا عن سنةٍ ماضية إلا حدثتكم، فسأله ابن الكواء عن الذاريات فقال: هي الرياح».
والرواية الأخرى عن أبي الطفيل قال: شهدت علي يخطب وهو يقول: «سلوني، ووالله لا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية وإلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهلٍ أم في جبل» (?). فعِلمُ علي رضي الله عنه لا يُخْتَلف فيه، فهو عالم بالقرآن، لكن الرواية عنه أقلُّ من الرواية عن ابن عباس، فأكثر المروي عن ابن عباس، ثم عن ابن مسعود، ثم عن علي بن أبي طالب.