وهذا الأثر له معنى صحيح، وهو أن يقول في القرآن بلا علم فيصيب المعنى الصحيح لكنه أخطأ طريق الوصول إليه، فهو يأثم من هذه الجهة؛ لأنه سيقول قولاً على الله بغير علم، ولهذا قال: (وتأول الحديث الآخر بأنه في من تكلم في القرآن بغير علم ولا أدوات، لكن من تكلم فيما تقتضيه أدوات العلم ...)، ومثل هذا تخريج الطبري (ت310هـ) لمعنى هذا الأثر، فقد قال: «يعني صلّى الله عليه وسلّم أنه أخطأ في فعله، بقيله فيه برأيه، وإن وافق قِيلُه ذلك عينَ الصَّواب عند الله؛ لأن قِيله فيه برأيه، ليس بِقِيلِ عالمٍ أنَّ الذي قال فيه من قول حقٌّ وصوابٌ، فهو قائل على الله ما لا يعلم، آثم بفعله ما قد نهى عنه وحُظِر عليه» (?).
وابن جزي ـ رحمه الله تعالى ـ كأنه يشير إلى أن الرأي نوعان: رأي مذموم وهو غير مقبول، ورأي محمود وهو مقبول.
والرأي المذموم سببه أحد أمرين:
1 - الجهل الذي أشار له الحديث، فإن كان جاهلاً وفسر القرآن، فإنه يأثم حتى لو أصاب؛ لأنه من القول على الله بغير علم، وهو محرم كما في قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} إلى أن قال في آخر الآية: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] ويشمل هذا القول عليه في الأحكام وتفسير كلامه، فالتفسير بجهل يدخل في القول على الله بلا علم.
فإن قال قائل: عندما أقرأ القرآن قد تظهر لي معانٍ، فهل يدخل هذا في القول على الله بغير علم؟
نقول: ما دام مجرد تفكير لا يأثم فيه، لكن يلزمه ألا ينشر هذا الفهم حتى يرجع إلى أهل العلم، أما إذا تصدى لنشر هذا الفهم دون أن يكون عالماً، فإنه يأثم.