فيهم الخطاب، فهم الذين عاصروا التنزيل، وشاهدوا تنَزُّلاته، وعرفوا الأحوال المحيطة به، والأحوال المرتبطة بمن نزل فيهم القرآن الكريم.
وقد نبَّه إلى هذه الحيثية جماعة من أهل العلم، منهم الحاكم في كتابه «معرفة علوم الحديث»، فقد ذكر في النوع الخامس «معرفة الموقوفات» هذه المسألة، فقال: «حدثناه أحمد بن كامل القاضي، ثنا يزيد بن الهيثم، ثنا محمد بن جعفر الفيدي، ثنا ابن فضيل عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن أبي هريرة رضي الله عنه في قول الله عزّ وجل: {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدثر: 29] قال: «تلقاهم جهنم يوم القيامة فتلفحهم لفحة فلا تترك لحماً على عظم إلا وضعت على العراقيب».
قال: وأشباه هذا من الموقوفات تُعدُّ في تفسير الصحابة، فأما ما نقول في تفسير الصحابي مسند (?)، فإنما نقوله في غير هذا النوع، فإنه كما أخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: «كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قُبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله عزّ وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]» قال الحاكم: هذا الحديث وأشباهه مسندة عن آخرها، وليست بموقوفة، فإن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا فإنه حديث مسند، ومما يلزم طالب الحديث معرفته نوع من الموقوفات، وهي مرسلة قبل الوصول إلى الصحابة» (?).