وكونه علمٌ مرتبط ببيان إعجاز القرآن من جهة النظم العربي لا يعني أننا لا نحتاجه مطلقاً في فهم المعنى، لكن المراد أن ما نحتاجه منه قليلٌ، ولهذا يمكن القول: إنه ليس من علوم التفسير، وإنما تلزم معرفة تفاصيله من أراد أن يتكلم عن إعجاز القرآن، أو أراد أن يبين فصاحة القرآن.
ومن الأمثلة التي يتأثر بها المعنى في حمل الجملة على وجه من الأساليب البلاغية ما ورد في تفسير قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17]، فهل هذا من باب التغليب والمراد: ربُّ المشرق ورب المغرب؟
أو هو على الحقيقة اللفظية، وأراد بـ {الْمَشْرِقَيْنِ}: مشرق الشمس في الشتاء، ومشرق الشمس في الصيف، ومغربها في الصيف والشتاء.
والوجه الأول من الباب البلاغي، وقد يكون قوله فيه ناتجاً عن فهم أسلوب العرب في الخطاب، وإن لم يكن عنده في ذهنه الترتيب البلاغي لهذه القضايا.
وهذا الموضوع مجال بحث جيد، وهو «أبواب البلاغة» أو «مسائل البلاغة» التي لها أثر في بيان المعنى.