نعرب لنفهم المعنى، وإنما نفهم المعنى ثمَّ نُعرب، هذا هو الأصل، لكن الآن صار النحو قواعد يُتوصَّل بها إلى فهم المعنى، وهذا لا يعني أن القاعدة (الإعراب فرع المعنى) التي ذكرت خطأ، وإنما تغيَّر الأمر بسبب اختلاف الزمان، إذ بعد تقعيد النحو صرنا ننطلق من قواعده لمعرفة المعنى.
والذي يدلُّ على أن المعنى هو الأصل أن تفسير السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم قد خلا من الإعراب، لكن لا يعني هذا أنهم لا يُعربون، بل كان الإعراب سجيَّة القوم، ولما قام علم النحو صار يُطلب به فهم المعاني، وهذا هو معنى قول المؤلف: (أو ما يفيد فهم المعنى)، وهذا الذي سار عليه المفسرون المعربون جيلاً بعد جيل، وإن لم تكن لهم عناية مستمرة بأثر الإعراب في المعنى.