يكون الكتاب صغير الحجم سهلاً على من أراد أن يطلب علم التفسير، وهذا المقصد هو الذي أراده الواحدي (ت468هـ) لما كتب كتابه: (الوجيز) ليسهل على من أراد أن يقرأ التفسير استظهار كتابه أو حفظه، قال: «... إلى إيجاز كتاب في التفسير، يقربُ على من تناوله، ويسهل على من تأمله، من أوجز ما عمل في بابه، وأعظمه فائدة على متحفِّظيه وأصحابه.
وهذا كتاب أنا فيه نازل إلى درجة أهل زماننا، تعجيلاً لمنفعتهم، وتحصيلاً للمثوبة في إفادتهم ما تمنَّوه طويلاً، فلم يُغْنِ عنهم أحدٌ فتيلاً ...» (?).
إذن هذا المقصد يحسن أن يكون مقصداً لمن أراد أن يؤلف لعامة الناس، فليس كل الناس يستطيع أن يقرأ المجلدات الكبار، وكأن ابن جُزيٍّ رحمه الله أراد أن يقرِّب التفسير للراغبين فيه فقال: (صغير الحجم تسهيلاً على الراغبين).
ثم وصف كتابه فقال: (فلقد احتوى هذا الكتاب على ما تضمنته الدواوين الطويلة من العلم، ولكن بعد تلخيصها وتمحيصها، وتنقيح فصولها، وحذف حشوها وفضولها).
كأن المؤلف ينتقد بعض الكتب ـ وإن لم يذكرها ـ ويشير إلى أن فيها مشكلة من جهة الإطالة في العبارة أو الحشو، والمراد به: زيادة ما لا داعي له، وكأنه أراد أن يقول: (سأجعل كتابي مختصراً)، ويدل لذلك العبارة التي ستأتي في قوله: (من غير إفراط ولا تفريط).
ثم قال بعد ذلك: (ولقد أودعته من كل فن من فنون علم القرآن) نلاحظ أنه قال أولاً: (صنفت هذا الكتاب في تفسير القرآن العظيم وسائر