يشبه المعنى الذي ذكره سهل كأنه يريد أن يذكر معنى يشبه المعنى المذكور في الآية، فهو مقبول من باب توارد المعاني وليس من توارد التفسير، ولو قال: هذا هو التفسير نقول: خطأ؛ لأن السياق لا يدل على ذلك.
وباب الاستشهاد والاستدلال أوسع من باب التفسير.
فمن يقرأ كلام الصوفية ـ خصوصاً في هذا النوع، وهو توارد المعاني ـ في كتاب التستري (ت283هـ)، أو أبي عبد الرحمن السلمي (ت412هـ) أو القشيري (ت465هـ)، فلا يردُّه ابتداءً، بل ينظر فيه ليعرف ما يمكن أن يقبل منه، وما لا يُقبل منه.
وكتاب سهل بن عبد الله التستري (ت283هـ) من كلامه هو، وكذا لطائف الإشارات للقشيري (ت465هـ)، أما حقائق التفسير لأبي عبد الرحمن السلمي (ت465هـ)، فهو منقول، وبعضه فيه كذب، ليس من أبي عبد الرحمن، وإنما من طرف من روى عنه أبو عبد الرحمن، وبعضه نقلٌ صحيحٌ عن بعض المتصوفة؛ سواء أكان كلامهم خطأً محضاً أم صحيحاً.
هذا باختصار ما يتعلق بتفاسير الصوفية، أما تفاسير الصوفية الباطنية أو الفلسفية؛ فالأصل فيها البطلان.
أما قوله رحمه الله: (وقد ذكرنا في هذا الكتاب ما يستحسن من الإشارات الصوفية دون ما يعترض أو يقدح فيه)، فلعل المؤلف يقصد كتابه هذا الذي بين أيدينا، فقد ذكر في كلامه من إشارات الصوفية ما يرى هو أنه يدخل فيما يستحسن دون ما يُقْدَحُ فيه أو يُعْتَرض عليه، ثم بعد ذلك ذكر اثني عشر مقاماً من مقامات التصوف، وهذه المقامات ليست خاصة بالتصوف كما يلاحظ، بل تسميتها بالتصوف أو حصرها بأن هذه من مقاماته تخصيص لأمرٍ لا دليل عليه.