الحق ويكونون وصلوا إلى دقائق معانٍ ووقفوا على حقيقة المراد، مثلما وقف ووصل إليه غيرهم، فهذا ليس خاصاً بهم بسبب سلوكهم التصوف بل غيرهم وصل إلى هذه المعاني ولم يسلك هذا الطريق الذي سلكوه.
أما من توغل في الباطنية فمشكلته أعظم؛ لأنه يستخدم الرموز في تفسير كلام الله سبحانه وتعالى مثل التفسير المنسوب لابن عربي الحاتمي (ت638هـ)، وكذا تفسير البحر المديد، لابن عجيبة التطواني (ت1224هـ)، وتفسير الألوسي (ت1270هـ) الذي يذكر التفسير على أسلوب العلماء والمفسرين، ثمَّ يذكر تفسير من يسميهم (أهل الحقائق)، ويذكر من كلامهم ما هو موغل في الباطنية.
أما ما ذكره سهل بن عبد الله التستري (ت283هـ) في تعليقه على بعض الآيات، وأبو عبد الرحمن السلمي (ت412هـ) في كتابه «حقائق التفسير»، والقشيري (ت465هـ) في (لطائف الإشارات)، فإنه لا يخلو من الأحوال الآتية:
1 - أن يكون ما قالوه أو أثروه من قبيل التفسير.
2 - أن يكون من قبيل الاستنباط.
3 - أن يكون من قبيل توارد المعاني، ومقايسة معنى القرآن بمعنى آخر، وهذه قضية تكثر عند المتصوفة، حيث نجدهم يحرصون على أن يقيسوا ما ورد من المعنى القرآني بحالٍ أخرى لا علاقة لها بالآية إطلاقاً، وهذه الأحوال الثلاثة لا تخلو ـ أيضاً ـ من ثلاثة أحوال:
أـ أن يكون الكلام حقاً مراداً بالقرآن أو دل عليه القرآن من جهة الاستنباط.
ب ـ أن يكون الكلام حقاً، لكن ليس هو المراد بالجملة المفسَّرة من القرآن، أو لا تدل عليه، وهذا يُقبل على أنه كلام مستقلٌ لا علاقة له