فإذا أراد عليه السلام تفسير شيءٍ من القرآن عولنا عليه، لا سيما إن ورد في الحديث الصحيح)، فإذا وقع خلاف بين المفسرين، وكان عندنا تفسير نبوي مباشر، فلا شك أنه إذا ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فإنه يقدم على قول غيره بلا ريب، وهذا بإجماع، لكن إن وقع تفسير النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث من أحاديثه دون أن يكون هناك نصٌّ أنها تفسير للآية فقد يقع الخلاف، ومن خالف لا يكون مخالفاً للتفسير النبوي، ولكي يتضح الأمر نقول: إذا ورد في تفسير آية حديثٌ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم يوافق معناه معنى الآية، ولم يفسر به المفسر فترك المفسر له واختياره لقول آخر لا يعد من باب ترك التفسير النبوي؛ لأن المسألة رجعت إلى الاجتهاد.

مثال ذلك: قوله سبحانه وتعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] معلوم أن في الآية قولين:

القول الأول: أن المراد بالساق هنا هي ساق الرب سبحانه وتعالى، ويدل على ذلك حديث رواه البخاري وغيره: «يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة فيبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً» (?)، فهذا الحديث في جميع رواياته لم يشر النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى أنه يفسِّر الآية.

القول الثاني: أن المراد بالساق: ما تكشفه القيامة من أهوالها وكربها، وهذا قول ابن عباس وبعض تلاميذه.

فصار عندنا تفسيرٌ نحا منحى لغوياً وهو تفسير ابن عباس، وتفسير آخر أخذ بحديث ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكن لا يعد ابن عباس ومن تبعه مخالفين للتفسير النبوي؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم هنا لم يفسر هذه الآية، وإنما تشابه ما ذكر صلّى الله عليه وسلّم مع شيءٍ مما في الآية، وليس كل الآية؛ لأننا لو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015