فأشار إلى أن في مسالمة سيف الدولة للروم ضربا من التدبير عليهم؛ لأنهم يعاودون ما أجلوه من مساكنهم، وينزلون عما صاروا فيه من معاقلهم، فيكون ذلك أمكن لقتلهم، وأقرب سبيلاً إلى سبيهم.
جَرَى مَعَك الجَارُونَ حَتَّى إذَا انْتَهَوا ... إلى الغايِة القُصْوَى جَرَيْتَ وقَامُوا
ثم قال لسيف الدولة: جاراك الملوك فيما نهجته من مكارمك، واقتدوا بك فيما عرضت إليه من مقاصدك، فلما أوفيت بهم من ذلك على الغاية القصوى فيما يمكن فعله، والمنزلة العليا مما يدرك مثله، غير ثان لعنانك، وتقدمت مقبلاً على شأنك، ووقفوا عاجزين عن بلوغ شأوك، مقرين بالتقصير عن إدراك سعيك.
فَلَيْسَ لِشَمْسٍ مَا أَنَرْتَ إنارَةُ ... وَلَيسَ بِبَدْرٍ مُذْ تَمَمتَ تَمامُ
ثم قال: فليس لشمس منهم إنارة مع ما تنير من نورك، ولا لبدرٍ