ثم قال مخاطباً له: (لا ينامون) حذاراً منك لملك شديد بأسه، قوي جيشه، تتسابق فرسانه إلى الحرب عند مفاجأتها لهم على أعراء الخيل، فيستقبلون بها الطعان غير ملجمة، ويجالدون عليها الأقران غير مسرجة. يشير إلى أن لهم في الحرب أعظم دربة، وهم بكرم خيلهم على أتم ثقة.

تُعَطَّفُ فيه والأَعِنَّةُ شَعْرُهَا ... وَتُضْرَبُ فيه والسَّيَاطُ كَلامُ

ثم قال، مؤكداً لما قدمه: تعطف تلك الخيل عند ذلك الطعن بشعرها، فتطيع مثانية، وتضرب في ذلك المجال بسياط الكلام، فتسابق متبارية. وأشار بسياط الكلام إلى الزجر على طريق الاستعارة.

وما تَنْفَعُ الخَيْلُ الكِرَامُ ولا القَنَا ... إذَا لم يَكُنْ فَوْقَ الكِرَامِ كِرَامُ

ثم قال: وما تنفع كرام الخيل، وصم الرماح، إذا لم يصرفها كرام لا ينكلون، وأبطال لا يجنبون.

إلى كَمْ تَرُدُّ الرُّسْلَ عَمَّا أَتوا لَهُ ... كَأَنَّهُمْ فيما وَهَبْتَ مَلاَمُ

ثم قال لسيف الدولة: إلى كم ترد الرسل عما يأتونك؛ من استعفاء المرسلين بهم لحربك، وضراعتهم فيما يؤملونه من سلمك، حتى كأنهم في إعراضك عنهم ملام في نوالك، وعذل على ما تبذله من إنعامك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015