متصرف على حسب أمرك، كأنك في مصير الممالك إليك، وتزاحم أربابها عليك، البحر الذي إليه مآل الجداول الجارية، وفيه مستقر جميع الأنهار السائلة.
إذا مَطَرَتْ مِنْهُم ومِنْكَ سَحَائِبُ ... فَوَابِلُهُمْ طَلُّ وَطَلُّكَ وَابلُ
ثم قال: فأنت والمتشبهون بك من الملوك، إذا ساجلوك في جودك، وتشبهوا بك في فعلم، فأمطروا وأمطرت، وفعلوا وفعلت، عفوك يعجز جهدهم، وطل عطائك يستغرق وبلهم. وذكر السحائب والطل والوابل على سبيل الاستعارة، وما أبدع به من لطيف الإشارة.
كَرِيمُ مَتَى اسْتُوْهِبْتَ ما أَنْتَ رَاكِبُ ... وَقَدْ لَقِحَتْ حَرْبُ فإنَّكَ نَازِلُ
ثم يقول: إن سيف الدولة كريم، لا يمنع من سأله، وجوادُ لا يبخل على من استوهبه، فلو سئل في حرب لاقحٍ مقتبلة، شديدة مشتعلة، ما يركبه، لسمح به لسائله، وما يحمله لما بعد فيه على طالبه، وأشار بهذا إلى أنه لا يمنع شيئاً لحاجته إليه، ولا يبخل به وإن حلت عائدته عليه.
إَذَا الجودِ! أَعْطِ النَّاسَ ما أنتَ مَالِكُ ... ولا تُعْطِيَّنَّ النَّاسَ ما أَناَ قَائِلُ