وجلس سيف الدولة لرسول ملك الروم والروذس، في صفر من سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، وحضر أبو الطيب، فوجد دونه زحمة شديدة، فثقل عليه الدخول، واستبطأه سيف الدولة، فقال ارتجالاً:

ظُلْمُ لذا اليَوْمِ وَصْفُ قَبْلَ رُؤْيَته ... لا يَصْدُقُ الوَصْفُ حَتَّى يَصْدقُ النَّظَرُ

يقول: وصفي لهذا اليوم قبل رؤيته، وإخباري عنه قبل مشاهدته، ظلم له، وتقصير به؛ لأن الوصف إنما يصدق بالمشاهدة، ويتصحح بصحة المعاينة.

تَزَاحَمَ الجيشُ حَتَّى لَمْ يَجِدْ سَبَبَاً ... إلى بِسَاطِك لي سَمْعُ ولا بَصَرُ

ثم قال، مخاطباً لسيف الدولة: تزاحم الجيش وتكاثر، وتبادر وتضاغط، حتى لم أجد إلى بساطك سبباً موصلاً بسمع ولا بصر، ولا إخبار ولا نظر.

فَكُنْتُ أَشْهَدَ مُخْتَصَّ وأَغْيَبَهُ ... مُعَايِنَاً، وَعِياني كُلُّهُ خَبُرُ

يقول: فكنت لشدة اهتبالي بالحال، أقرب المختصين منك، وبما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015