واستزاده سيف الدولة، فقال:
القَلبُ أعلَمُ يا عَذُولُ بِدَائِهِ ... وأَحَقُّ مِنْكَ بِجَفْنِهِ وبِمَائِهِ
يقول: القلب أيها العاذل المسرف، واللائم المكثر، أعلم منك بمقدار دائه، وأقعد بحقيقة أمره، وأولى بالبكاء الذي تنكره عليه، وتعذله فيه؛ لأنه يسكن وجده، ويبرد حره. وجعل ذكر الجفن والماء إشارة إلى البكاء.
فَوَمَنْ أُحِبُّ لأَعْصِيَنَّكَ في الهَوَى ... قَسَماً به، وبِحُسِنهِ، وَبَهائِهِ
ثم قال، مخاطباً لعاذله: فوحق من أحبه لأعصينك في الهوى، والتمسك به، وفي الحب والإقبال عليه، قسماً بما أعظمه من حقه، وأخضع له من بهائه وحسنه.
أَأُحِبُّهُ وأُحِبُّ فيهِ مَلاَمَةً؟ ... إنَّ الملاَمَةَ فيه مِنْ أَعْدائِهِ
ثم قال، أَأُحبه، وأحب اللوم فيه، وآلفه وآلف العذل عليه؛ إن الملامة من أعدائه المخالفين، وأضداده المعترضين، وإني إذا أصغيت إليها لضعيف الرأي، مضطرب الأمر.