بعد صف، وفوجاً بعد فوج، مرور الطير على تلك الموارد، وتكاثرها في تلك المشارب.
بَلَغْتُ بِسَيْفِ الدَّولَة النُّورِ رُتْبَةً ... أَنَرْتُ بِهَا مَا بَيْنَ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ
ثم يقول: بلغت بسيف الدولة الذي هو نور في دهره، وضياء مشرق في عصره، رتبة من المدح، ومنزلة من جليل الوصف، أضاءت في جميع الأرض، وأنرت بها ما بين الشرق والغرب. ويقال: أنار الرجل المكان: إذا أظهر الضياء فيه.
إذَا شَاَء أَنْ يَلْهُو بِلِحْيَةِ أَحْمَقٍ ... أَرَاهُ غُبَاري ثُمَّ قالَ لَهُ الحَقِ
ثم قال، مشيراً إلى سيف الدولة، ومعرضاً بمن حوله من الشعراء: إذا شاء أن يلهو بلحية أحمق يتجاوز قدره، ويفحم عليه شعره، أراه طرفاً مما قيدته في مدحه، وغير كثير مما نظمته في مجده، وكنى عن ذلك بقوله: (أراه غباري) على سبيل الاستعارة، ثم قال له الحق هذه الغاية من الشعر، واسلك هذه الطريقة من النظم، فيبين عند ذلك من عجزه ما يضحكه، ومن تقصيره ما يلهيه ويطربه.