رسومها، وتغير طلولها، واستثار ذلك حزنه، واستدعى بكاءه، فأجاب دمعه تلك الدعوة، وأسعد على تلك النية، قبل أن يجيب ذلك بعض الركب بالتأسف. وأشار إلى نفسه وبعض الإبل بالحنين، وأشار إلى ناقته، والشعراء يصفون مطاياهم بالحنين إلى ديار الأحبة، كما يصفون بذلك أنفسهم. وقد كشف أبو الطيب هذا المعنى حيث يقول:

أثْلثْ فإنّا أَيُّها الطَّلَلُ ... نَبْكي وتُرْزَمُ تَحْتَنَا الإبلُ

ظَلِلْتُ بَيْنَ أُصَيْحابي أَكَفْكِفُهُ ... وَظَلَّ يَسْفَحُ بَيْنَ العُذْرِ وَالْعَذَلِ

ظللت أفعل الشيء ظلولاً: إذا أخذت فيه وأقبلت عليه. وكفكفت الدمع وغيره: إذا حاولت إمساك ذلك وصرفه، وسفح الدمع يسفح سفحاً وسفوحاً: إذا سال.

ثم قال: يصف انسكاب دمعه، واستكفافه له متستراً بوجده: ظللت أكف الدمع بين أصحابي، وصغرهم مظهراً للإعجاب بهم، والعرب تفعل ذلك، ثم قال: وظل الدمع يسفح بين ما أبسطه عندهم من العذر، وما يهدونه إلي من العذل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015