وَحَدَّثَنَا بَكْارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ: " أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَ أَخِيهِ مَمْلُوكَتَهُ، فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِقَّ أَوْلَادَهَا، فَأَتَى ابْنَ أَخِيهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنَّ عَمِّي زَوَّجَنِي وَلِيدَتَهُ، وَإِنَّهَا وَلَدَتْ لِي أَوْلَادًا، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِقَّ أَوْلَادِي، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: " كَذَبَ، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَذْهَبَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَمَذْهَبِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ فِيهِ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافًا لَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَمَا جَاءَ هَذَا الْمَجِيءَ لَمْ يَتَّسِعْ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ، وَلَا الْقَوْلُ بِغَيْرِهِ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى وُجُوبِ عَتَاقِ الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَلَدِهِمَا، وَإِلَى وُجُوبِ عَتَاقِ الْأَخِ عَلَى أَخِيهِ، وَإِلَى وُجُوبِ عَتَاقِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى مَنْ وَلَدَهُ، وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ فِي ابْنِ أَخٍ عَلَى عَمِّهِ وَأَمَّا آخَرُونَ مِنْهُمُ: الشَّافِعِيُّ فَكَانُوا لَا يُوجِبُونَ الْعَتَاقَ فِي هَذَا -[448]- الْمَعْنَى، إِلَّا فِي الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا، وَفِي الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ، وَفِي الْأُمَّهَاتِ وَإِنْ عَلَوْنَ، فَأَمَّا فِيمَنْ سِوَاهُمْ، فَلَا، وَإِذَا ثَبَتَ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمُحْرِمِ وُجُوبُ الْعَتَاقِ لَهُ عَلَى ذِي رَحِمِهِ الَّذِينَ هُمْ كَذَلِكَ أَيْضًا، كَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَاتِ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ شَدٌّ لِمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَيْهِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ