مَا قَدْ حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ قَالَ جَمَاعَةٌ: صُورَةٌ، مِثْلُ قَوْلِهِمْ: سُورَةٌ، وَسُوَرٌ، قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَرُبَّ ذِي سُرَدَاقٍ مَحْجُورِ ... سِرْتُ إِلَيْهِ فِي أَعَالِي السُّورِ
وَمِنْهَا سُورَةُ الْمَجْدِ: أَعَالِيهِ
قَالَ جَرِيرٌ:
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَالْجِبَالُ الْخُشَّعُ
-[384]- وَمَا ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فِي هَذَا الْكِتَابِ: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ، جَمْعُ صُورَةٍ، فَخَرَجَتْ مَخْرَجَ بُسْرَةٍ، وَبُسْرٍ، لَمْ تُحْمَلْ عَلَى ظُلْمَةٍ، وَظُلَمٍ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَقِيلَتْ: صُوَرٌ، فَخَرَجَتُ الْوَاوُ بِالْفَتْحَةِ كَسُورَةِ الْمَدِينَةِ، وَالْجَمِيعُ سُوَرٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِهِ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ وَمُشْكِلِ إِعْرَابِهِ قَالَ: وَقَدْ يُقَالَ: إِنَّ الصُّورَ قَرْنٌ، وَيُقَالَ: هُوَ جَمْعُ الصُّوَرِ، يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فِي الْمَوْتَى، وَاللهُ أَعْلَمُ بِصَوَابِ ذَلِكَ وَفِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِنْ سُورَةِ يس، مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي أَجْدَاثِهِمْ لَا أَرْوَاحَ فِي أَبْدَانِهِمْ، حَتَّى أَعَادَ اللهُ إِلَيْهَا أَرْوَاحُهُمْ بِمَا شَاءَ أَنْ يُعِيدَهَا إِلَيْهِمْ بِهِ وَفِي سُورَةِ النَّمْلِ: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ، وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ ذَلِكَ النَّفْخَ فِي الصُّورِ كَانَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ فَمَاتُوا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَا فِي سُورَةِ الزُّمَرِ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَنْفُوخَ فِيهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، لَا أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى صَوَابِ مَا قَالَ أَهْلُ الْآثَارِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ، وَعَادَ مَا قَدْ تَلَوْنَا مِنْ أَيِ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الصُّورِ مَا اسْتَدْلَلْنَا -[385]- بِهِ فِي بَعْضِهَا: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا أَمْوَاتًا حِينَئِذٍ، فَرُدَّتْ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحُهُمْ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَا تَلَوْنَا مِنْ ذَلِكَ مِنْ سُورَةِ يس، وَكَانَ فِي بَعْضِهَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُمْ كَانُوا أَحْيَاءً، فَمَاتُوا بِذَلِكَ عَلَى مَا تَلَوْنَا مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ، وَمَنْ سُورَةِ الزُّمَرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَدْلَلْنَا عَلَيْهِ بِمَا فِي هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ