كَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ -[364]- الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرٍ: أَنَّ أَبَا يَزِيدَ الْقِدَاحَ أَخْبَرَهُ قَالَ: " رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَتْهُ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ شُوِيَتْ بِالنَّارِ، فَاسْتَرْجَعَ عُمَرُ حِينَ رَآهَا، وَقَالَ: مَنْ سَيِّدُكِ؟، فَقَالَتْ: فُلَانٌ، فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: " عَذَّبْتَهَا بِعَذَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاللهِ لَوْلَا لَأَقَدْتُهَا مِنْكَ "، فَأَعْتَقَهَا، وَأَمَرَ بِهِ، فَجُلِدَ " فَتَأَمَّلْنَا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا الْحَدِيثَ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، مِمَّا لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عِيسَى، وَلَيْسَ مِمَّنْ يُعْرَفُ، وَلَا مِمَّنْ يَقُومُ هَذَا بِمِثْلِهِ وَوَجَدْنَا الْحَدِيثَ الَّذِي ثَنَّيْنَا بِذِكْرِهِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، لَيْسَ مِمَّا يُقْطَعُ بِمِثْلِهِ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ عِنْدَ الْمُحْتَجِّينَ بِهِ لِخِصْمِهِمْ إِذَا احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمِثْلِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَوَجَدْنَا الْحَدِيثَ الَّذِي ثَلَّثْنَا بِذِكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ طَرِيقُهُ الَّذِي رُوِيَ مِنْهُ حَسَنًا مَقْبُولًا أَهْلُهُ، لَيْسَ فِيهِ أَيْضًا مَا يَجِبُ بِهِ حُجَّةٌ لِلْمُحْتَجِّينَ بِهِ، فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لِفَاعِلِهِ، إِذْ كَانَ مَذْهَبُهُ الْعُقُوبَاتِ -[365]- عَلَى الذُّنُوبِ فِي أَمْوَالِ الْمُذْنِبِينَ، كَمَا فَعَلَ بِحَاطِبٍ فِي عَبِيدِهِ الَّذِينَ كَانَ يُجِيعُهُمْ، حَتَّى حَمَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَرِقَةِ نَاقَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَكَانَتْ قِيمَتُهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَغَرِمَ حَاطِبٌ لِذَلِكَ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ