4615 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جُنَادٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: " يَا مُحَمَّدُ طَلَّقْتَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً وَهِيَ صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَهِيَ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْجَنَّةِ " -[28]- فَقَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ تَقْبَلُونَ مِثْلَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُطَلِّقُ زَوْجَةً مِنْ أَزْوَاجِهِ هِيَ زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْجَنَّةِ، وَقَدْ كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيَّرَ أَزْوَاجَ نَبِيِّهِ، وَهِيَ مِنْهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَرْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ عَلَى الدُّنْيَا، فَشَكَرَ اللهُ ذَلِكَ لَهُنَّ، وَاحْتَبَسَهُ عَلَيْهِنَّ، وَاحْتَبَسَهُنَّ عَلَيْهِ، حَتَّى جَعَلَ لَهُنَّ أَنْ يَكُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا كُنَّ فِي حَيَاتِهِ، لِأَنَّهَنَّ مَحْبُوسَاتٌ عَلَيْهِ، وَمُحَرَّمَاتٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنَ النَّاسِ -[29]- فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ طَلَّقَهَا، فَلَمْ يُخْرِجْهَا بِذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِهِ الْمُسْتَحِقَّاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا اسْتَحَقَّتْهُ مَنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ طَلَاقُهُ لَهَا طَلَاقًا لَمْ يَقْطَعِ السَّبَبَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، ثُمَّ كَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ مِنْهُ فِيهَا مَا كَانَ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ إِيَّاهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَإِنْ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَلَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا، أَكَانَتْ بِذَلِكَ تَخْرُجُ مِنْ جُمْلَةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى لَا تَكُونَ أُمًّا لَهُمْ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ؟ كَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ، لَمَا خَرَجَتْ مِنْ جُمْلَةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكَانَتْ بَعْدَهُ أُمًّا لَهُمْ، وَأَنَّ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِمْ كَحُرْمَتِهَا عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّهَا زَوْجَةٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا لَا يُخْرِجُهَا الْمَوْتُ مِنْ ذَلِكَ، لَوْ كَانَ مَاتَ عَنْهَا، وَهِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا مِمَّا كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، كَمَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانٌ لِمَا قَدْ تَوَهَّمَهُ هَذَا الْقَائِلُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقِ