عَلَى غَيْرِهِ، فَغَرِمَهَا مِنْ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُهَا، وَلَمْ يَدْفَعْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَدَّمَ قَضَاؤُهُ بِهَا عَلَى مَنْ قَضَى بِهَا عَلَيْهِ، وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَى ذَلِكَ الْقَتِيلَ بِهَا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ، أَيْ: مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ، حَتَّى لَا تَتَضَادَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَحَدِيثُ سَهْلٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَدَاؤُهُ لِذَلِكَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، لَا غُرْمًا عَنِ الْيَهُودِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، وَلَكِنْ كَيْ لَا تَبْطُلَ دِيَةُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ، وَيُطَلَّ دَمُهُ، فَدَفَعَ ذَلِكَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى، لَا أَنَّهُ دَفَعَ عَنِ الْيَهُودِ شَيْئًا يُسْقِطُ عَنْهُمْ مَا كَانَ قَضَى بِهِ عَلَيْهِمْ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ غَرِمَ عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ لِمَنْ هُوَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الدِّينُ شَيْئًا مِمَّا غَرِمَهُ عَنْهُ، وَهَكَذَا كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُهُ فِي هَذَا، حَتَّى قَالَ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَدَّى إِلَيْهَا رَجُلٌ عَنْهُ تِلْكَ الْمِائَةَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا: إِنَّ نِصْفَ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا رَدُّهُ إِلَى الَّذِي أَدَّى إِلَيْهَا الْمِائَةَ لَا إِلَى زَوْجِهَا، وَلَمْ يَحْكِ مُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّهَا تَرُدُّهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ إِنَّمَا خَرَجَتْ فِي الْبَدْءِ مِنْ مِلْكِ مُؤَدِّيهَا إِلَى مِلْكِ الزَّوْجِ. وَهَذَا عِنْدَنَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِيمَنْ أَدَّى عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إِلَى مَنْ هُوَ لَهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ بِأَدَائِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَفَعَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ مَا دَفَعَ لِيَرْجِعَ إِلَيْهِ مِثْلُهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَيْضًا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى هَذَا