كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ فِي نِسْوَةٍ، فَذُكِرَ عِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، فَوَقَعْنَ فَسَبَبْنَهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: " لَا تَسُبُّوهُ؛ فَقَدْ أَصَابَهُ مَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ عَمِيَ , وَاللهِ إنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ يُدْخِلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ بِكَلِمَاتٍ قَالَهُنَّ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَقُولُ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ:
[البحر الوافر]
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ
". -[444]- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْمُهَاجَاةَ مِنْ أَهْلِ الشَّرَفِ إنَّمَا تَكُونُ مِنْهُمْ لِأَكْفَائِهِمْ، لَا لِمَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، كَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ لِهَذَا الْمَعْنَى , وَإِعْلَامًا مِنْهُ النَّاسَ أَنَّ الَّذِي هَجَاهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَهُ، فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَهْجُوَهُ لَوْ كَانَ شَاعِرًا، ثُمَّ أَتْبَعَ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ هِجَائِهِ إيَّاهُ بِسُؤَالِهِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَلْعَنَهُ: {وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: 52] . وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.