البخاري (?) عن محمَّد بن سلام، عن أبي تميلة، عن فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن جابر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق. ومنهم من رواه عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة، وفي الباب عن ابن عمر وأبي رافع.
ولمَ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك، أكان يتوخى أطول الطريقين في الذهاب وأقصرهما في العود، أو كان يريد أن يتبرك به أهل الطريقين، أو أن [يستثني] (?) فيهما، أو أن يتصدق على فقرائهما، أو أن لا تكثر الزحمة؟
كلٌّ قيل، والأول أظهر المعاني، ثم من شاركه - صلى الله عليه وسلم - من الأئمة في المعنى استحب له ذلك، وفيمن لم يشاركه وجهان:
أظهرهما: أن الجواب كذلك، ويشبه أن يجيء الوجهان في سائر الناس، والذي نص عليه في "الأم" استحبابه للجميع.
ولفظ الطريق يذكر ويؤنث ولذلك قال في الرواية الأولى "من الطريق الأعظم" ثم قال: "من الطريق الأخرى" ويشبه أن يقال أنه - صلى الله عليه وسلم - كان تختلف به الطرق ذهابًا ومجيئًا ولم يكن ذهابه ومجيئه في طريقين معينين أبدًا؛ وإنما المرعي مخالفة الطريق ذهابًا وعودًا، وليس في الحديث الثاني أنه خالف الطريق وإنما المذكور في أي طريق رجع، وعرَّف الطريق بالمواضع المذكورة.
وقوله: "قام" أي: وقف كما في قوله تعالى {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} (?) واستحب الشافعي لهذا الحديث الثاني أن يقف الإِمام في موضع فيدعو الله مستقبل القبلة ذكره في "الأم" (?) وقد يفهم من هذا أنه إنما استقبل فجَّ أسلم لكونه في جهة القبلة.