يملونه بحكاية وشعر، وربما لم يراعوا المناسبة بينهما وبين ما تقدمهما.
وفي الحكاية الوصية برعاية الغرباء، وحسن الخلق معهم والصبر على مجالستهم وإفادتهم ليقضوا أوطارهم، ولم يزل أهل العلم والحديث يسعون في إكرام الغرباء المحصلين ويتحملون منهم، وورد في ذلك أخبار وآثار كثيرة ليس هذا موضع ذكرها.
وقوله: "أهين لكم نفسي" أي: بحمل (?) المشاق وأصبر معهم ليكرموني بالاحترام والدعاء، والنفس التي لا تحمل المتاعب ولا تراض بالمشاق لا تكاد تكرم، قيل لبعضهم وقد رؤي مرارًا على بعض الأبواب واقفًا في الشمس: لقد طال قيامك في الشمس!
فقال: ليطول قعودي في الظل.
وأما ذكر سماعه من الربيع بن سليمان فكأنه وحد طبقة السماع قريبًا من موضع المنقول منه الحكاية فأثبته، ويشبه أن يكون المراد من كتاب الشافعي "الأم" سمعه أبو العباس مع أبيه في التاريخ المذكور وقد استجاب الله تعالى دعاء أبيه ونفعه في سماعه وتحصيله ونفع به الناس، قال الحاكم أبو عبد الله في "تاريخ نيسابور": حدث أبو العباس في الإِسلام ستًّا وسبعين سنة على الصحة والإتقان، وما رأينا الرحالة في طلب الحديث في بلد من بلاد الإِسلام أكثر من المجتمعين عليه، فقد رأيت جماعة من أهل الأندلس والقيروان وبلاد المغرب على بابه، وجماعة من أهل طراز وأسفيحان وأهل المشرق على بابه، وجماعة من أهل المنصورة ومولتان وبست وسجستان، وجماعة من أهل فارس وخوزستان، فناهيك شرفًا وقبولًا في بلاد المسلمين. والله أعلم.