واحتج به على أن السعي بين الصفا والمروة واجب، فإنه قال: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" وإلى وجوبه ذهب ابن عمر وعائشة وجابر، وبه قال مالك والشافعي وأحمد، وقالوا: لا يحصل التحلل عن الحج والعمرة ما لم يأت به.
وعن ابن عباس أنه تطوع، وبه قال الثوري وأبو حنيفة، وعلقا الدم بتركه.
واعلم أن الاحتجاج بالحديث على الوجوب حملٌّ للسعي على أصل المرور وقطع المسافة، وقد يطلق السعي بمعنى العدو، وهو المفهوم من قولها: "وإن مئزره ليدور من شدة السعي" وهو الذي أراده ابن عمر فيما روي عنه أنه قال: "إِنْ أَسْمعَ بيْنَ الصَّفا والمروةَ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يسْعَى، وإنْ أَمْشِ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِي وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ" (?).
وعن جابر "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نَزلَ من الصفا يمشي حتى إذا انصبت قَدَماهُ في بطْنِ الوادي سَعَى حتى يخرج منه" (?).
لكن [العدو] (?) بين الجبلين ليس بواجب بالاتفاق؛ وإنما هو مستحب في قدر مضبوط مما بينهما، فحملوا قوله: "إنَّ اللهَ كتبَ عليكم السَّعي" على أصل قطع المسافة.
وفي الحديث ما يدل على أن النساء كن ينظرن إلى الرجال، وأنهن كن يجتمعن للنظارة.