وقوله: "لا يحكم الحاكم أو لا يقضي القاضي" شك من بعض الرواة في اللفظ، ورواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ عن أبي العباس بإسناده، وقال: "لا يقضي القاضي" ولم يشك.
قال الشافعي (?): ومعقول من الحديث أن المراد أن القاضي لا ينبغي أن يحكم في الحالة التي يتغير فيها عقله وخلقه، وأنه يلتحق بالغضب المرض والحزن والفرح والجوع والنعاس والملال، وسائر ما يغير الخلق والطبع، ولكن يتوقف ويتأنى حتى يثوب إليه عقله.
قال الشافعي (?): وقد روي عن الشعبي -وكان قاضيًا- أنه رؤي يأكل خبزًا بجبن، فقيل له فيه، فقال: آخذ حكمي.
قال: كأنه يريد أن الطعام يسكن حر الطبيعة، والجوع يحرك حرها وتتوق النفس إلى المأكل فتشغل عن الحكم.
ولفظ الحديث يمكن أن يقرأ على النهي وأن يقرأ على الخبر، ثم المقصود منه النهي أيضًا. والله أعلم.
[1326] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن عيينة، عن الزهري قال: قال أبو هريرة: ما رأيت أحدًا أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال الشافعي: قال الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (?).
يستحب للقاضي المشاورة، وقد ندب الله تعالى إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: {وَشَاوِرْهُمْ في الْأَمْرِ} (?) وجرى على ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروي