قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (?) وفيه قولان معروفان للمفسرين:
أحدهما: أن المراد منه المجامعة.
وبه قال ابن عباس، والحسن، وقتادة.
والثاني: أن المراد التقاء البشرتين.
وبه قال ابن مسعود، والشعبي، وإبراهيم، وابن عمر -رَضِيَ الله عَنْهُ- ممن قال به؛ وهو أولى فإنه قضية الوضع.
وذكر الشافعي في "الأم" أنه اللائق بسياق الآية؛ وذلك لأنه ذكر الجنب وأمره بالإطهار حيث قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (?) ثم قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} أي: وإن كنتم مرضى وأنتم جنب فتيمموا، أو على سفر وأنتم جنب فتيمموا إذا لم تجدوا الماء، ثم إن كان المراد من الملامسة ما ذكرنا كان المعنى: أو أحدثتم بغائط أو أجنبتم بجماع، ومعلوم أن الأول أحسن من الثاني؛ لأنه عطف حدثٍ على حدثٍ؛ ولأن المجامعة داخلة في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (?).
واعلم أن الشافعي أورد في "الأم" (?) الأثر غير محتج به استقلالًا، وإنما أورده في أثناء الاحتجاج بالآية؛ لبيان أن الملامسة في الآية مفسر بما يدخل فيه القبلة والجس باليد.
ويروى مثل ما ذكر ابن عمر عن عمر (1/ ق 12 - ب) وابن مسعود -رَضِيَ الله عَنْهُ-.
وفي إطلاق الأثر دلالة على أنه لا فرق بين أن يكون الجسُّ عمدًا أو سهوًا.