أَنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ وَلَا أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا يُقَلِّلُ نَسْلَهُ قَالَهُ ح وَانْظُرْ هَلْ الْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ قَطْعَ مَائِهَا يُوجِبُ قَطْعَ نَسْلِهَا أَمْ لَا.
(ص) وَالْكَافِرَةِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى أُصُولِهِ أَيْ وَحَرُمَ نِكَاحُ الْكَافِرَةِ أَوْ وَطْءُ الْكَافِرَةِ وَهُوَ أَوْلَى لِيَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ وَأَمَتِهِمْ بِالْمِلْكِ مُتَّصِلًا وَمُرَادُهُ بِالْكَافِرَةِ غَيْرُ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَإِنَّمَا أَطْلَقَهُ لِيَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ أَيْ دَلِيلِ الْعُمُومِ وَفِي تَرْكِ التَّاءِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَالْمَبْتُوتَةِ مِنْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ حُرَّةً كِتَابِيَّةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ يُكْرَهُ) وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ الْحَرَائِرُ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَتُغَذِّي وَلَدَهُ بِهِ وَهُوَ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْكَنِيسَةِ وَقَدْ تَمُوتُ وَهِيَ حَامِلٌ فَتُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ وَهِيَ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ (ص) وَتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُرْهَ تَزْوِيجِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَشَدُّ مِنْ كُرْهِ تَزْوِيجِهَا فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ لِتَرْكِهِ وَلَدَهُ بِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ تَرْبِيَتِهِ عَلَى دِينِهَا وَأَنْ تَدُسَّ فِي قَلْبِهِ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ وَلَا تُبَالِي بِاطِّلَاعِ أَبِيهِ عَلَى ذَلِكَ (ص) ، وَلَوْ يَهُودِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ وَبِالْعَكْسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ جَوَازُ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِحُرٍّ أَوْ لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّصْرَانِيَّةُ بَاقِيَةً عَلَى دِينِهَا أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْيَهُودِيَّةُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً عَلَى دِينِهَا أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ انْتَقَلَتْ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ إلَى الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ إلَى الدَّهْرِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا.
(ص) وَأَمَتَهُمْ بِالْمِلْكِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ يُكْرَهُ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ وَطْءُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِالْمِلْكِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَا بِالنِّكَاحِ وَلَا أَمَةَ الْمَجُوسِيِّ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ جَازَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ وَكُلُّ مَنْ مُنِعَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ مُنِعَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ.
(ص) وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهَا يَرْجِعُ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْمَعْنَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــQعب وَيَنْبَغِي إلَخْ لَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَيَنْبَغِي لَا مَاضِيَ لَهُ وَهُوَ مُطَاوِعٌ بَغَيْته فَانْبَغَى لَكِنْ لَا يُنْطَقُ بِهِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَلِدُ أَصْلًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْ يُقَلِّلَ نَسْلَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَطْعَ مَائِهَا إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لِإِحْدَى الصُّورَتَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِ مَائِهِ وَسَكَتَ عَنْ تَعْلِيلِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَا أَنْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْكَافِرَةِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْقَوَاعِدِ النَّحْوِيَّةِ فَيَعُمُّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ مِنْ مِعْيَارِ) مِنْ زَائِدَةٌ أَيْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ دَلِيلُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ وَفِي تَرْكِ التَّاءِ مَا مَرَّ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَحَرُمَ الْكَافِرَةُ مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ وَحُرِّمَتْ الْكَافِرَةُ فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ فَلَا يَصِحُّ أَنَّك تَقُولُ ابْتِدَاءً وَحَرُمَ الْكَافِرَةُ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ) أَيْ وَالْخِنْزِيرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ، وَلَوْ تَضَرَّرَ بِرَائِحَةِ ذَلِكَ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ مَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ الثُّومِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُقَبِّلُهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ كَوْنِهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَقَوْلُهُ وَلَا مِنْ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ أَيْ وَلَا مَنْعِهَا مِنْ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ.
(فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ) وَكَذَا لَا يَمْنَعُهَا مِنْ فَرِيضَتِهَا وَلَا مِنْ صِيَامِهَا وَلَا يَطَؤُهَا صَائِمَةً؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ مِنْ دِينِهَا وَهُوَ يُفْسِدُ عَلَيْهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا يُوجِبُ حُرْمَتَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَلِذَا كُرِهَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَهُودِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ) أَيْ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ دَهْرِيَّةٌ تَنَصَّرَتْ أَوْ تَهَوَّدَتْ لَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ إلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ) أَيْ لَا إلَى دِينِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) مُقْتَضَى تِلْكَ الْعِلَّةِ أَنَّهُمَا لَوْ انْتَقَلَتَا لِمَجُوسِيَّةٍ أَوْ دَهْرِيَّةٍ تَحِلُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَيْ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْكُفْرَ مِلَلٌ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» أَيْ الدِّينَ الْمُعْتَبَرَ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ مُسْلِمَةٌ بِمَجُوسِيٍّ أَوْ كَافِرٍ لَمْ تُحَدَّ، وَلَوْ تَعَمَّدَتْ، وَلَوْ تَعَمَّدَ الْمُسْلِمُ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّةِ رُجِمَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ اسْتِنَادَ النِّكَاحِ لِلرَّجُلِ حَقِيقَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ مَجَازٌ.
(فَائِدَةٌ) أَهْلُ الْكِتَابِ هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَنْ عَدَاهُمْ مَجُوسٌ تَمَسَّكُوا بِصُحُفِ شِيثٍ أَوْ إدْرِيسَ أَوْ إبْرَاهِيمَ أَوْ زَبُورِ دَاوُد وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ مَوَاعِظُ لَا أَحْكَامُ، وَكَذَلِكَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ دِينَيْنِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ الْمُوَطَّإِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَنَقَلَ الْجُزُولِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّهُ كَانَ لِلْمَجُوسِ كِتَابٌ وَرُفِعَ وَسَبَبُ رَفْعِهِ أَنَّ عَظِيمَهُمْ تَزَوَّجَ بِابْنَتِهِ فَأَرَادُوا رَجْمَهُ فَتَحَصَّنَ بِحِصْنِهِ وَقَالَ لَهُمْ نِعْمَ الدِّينُ دِينُ آدَمَ الَّذِي زُوِّجَ الْأَخُ أُخْتَهُ فَرُفِعَ الْكِتَابُ عُقُوبَةً لَهُمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالدَّهْرِيَّةُ) بِضَمِّ الدَّالِ نِسْبَةٌ لِلدَّهْرِ بِفَتْحِهَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.
(قَوْلُهُ وَأَمَتَهُمْ) بِالنَّصْبِ أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِمُسْلِمٍ فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى مِنْ لَا أَنَّهَا بِمَعْنَى اللَّامِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِ تَجُوزُ بِغَيْرِ الْمِلْكِ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ وَأَمَتُهُمْ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا أَنْ أَسْلَمَ) مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. وَأَمَّا إنْ