وَالْمَعِيبِ الْفَاحِشِ الْعَيْبِ، فَإِنْ تَرَكَتْهَا الْمَرْأَةُ فَحَقُّ الْوَلِيِّ بَاقٍ وَبِالْعَكْسِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُؤَلِّفُ أَعَادَ الْجَارَّ لِلْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ لَا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَافِيًا فِي التَّرْكِ دُونَ الْآخَرِ.
(ص) وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ رَضِيَ فَطَلَّقَ امْتِنَاعٌ بِلَا حَادِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا رَضِيَ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَ مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَأَرَادَ عَوْدَهَا فَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ حَيْثُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ مَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ وَيُعَدُّ عَاضِلًا.
(ص) وَلِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الْمُوسِرَةَ الْمَرْغُوبَ فِيهَا مِنْ فَقِيرٍ وَرُوِيَتْ بِالنَّفْيِ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ (ش) وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ أَتَتْ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ إلَى مَالِكٍ فَقَالَتْ إنَّ لِي ابْنَةً فِي حِجْرِي مُوسِرَةً مَرْغُوبًا فِيهَا فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ لَهُ فَقِيرٍ وَفِي الْأُمَّهَاتِ مُعْدِمًا لَا مَالَ لَهُ فَتَرَى لِي فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمًا قَالَ نَعَمْ إنِّي لَأَرَى لَك مُتَكَلَّمًا عِيَاضٌ وَكَذَا رَوَيْنَاهُ بِالْإِيجَابِ لَا عَلَى النَّفْيِ وَلَا يَصِحُّ الْكَلَامُ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْ أَنَّ لَهَا تَكَلُّمًا قَالَ نَعَمْ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهَا أَنَّهُ رَأَى لَهَا مُتَكَلَّمًا وَمَنْ رَوَى فَلَا أَرَى أَيْ عَلَى النَّفْيِ لَمْ يَسْتَقِمْ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ نَعَمْ وَاخْتَلَّ الْمَعْنَى وَنَاقَضَ بَعْضُ كَلَامِهِ بَعْضًا ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَأَنَا أَرَاهُ مَاضِيًا إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ وِفَاقٌ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَقُولُ قَالَ وَيَعْنِي بِالضَّرَرِ ضَرَرَ الْبَدَنِ. وَأَمَّا الْفَقْرُ فَلَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ وِفَاقٌ وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْفَقْرِ الْفَادِحِ الْمُضِرِّ بِهَا وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْأَخِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَالِهَا فَقِيرٌ لِسَعَةِ حَالِهَا وَكَثْرَةِ يُسْرِهَا أَوْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَمَالِكٌ إنَّمَا تَكَلَّمَ قَبْلَهُ وَقَالَ لَهَا مُتَكَلِّمٌ وَلَمْ يَقُلْ إنَّ النِّكَاحَ مَفْسُوخٌ وَبِعِبَارَةٍ وَهَلْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ وَهَذَا يَتَأَتَّى عَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ فَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِمَامَ جَعَلَ لَهَا التَّكَلُّمَ وَابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَ فِعْلَ الْأَبِ مَاضِيًا فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَكَلُّمَ لَهَا إذْ لَوْ كَانَ لَهَا التَّكَلُّمُ لَكَانَ لَهَا الرَّدُّ وَوَجْهُ الْوِفَاقِ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِ الْإِمَامِ لَهَا التَّكَلُّمُ حَيْثُ كَانَ يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ الْبَيِّنُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ فَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا التَّكَلُّمَ مُطْلَقًا وَابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَهُ حَيْثُ الضَّرَرُ الْبَيِّنُ وَوَجْهُ الْوِفَاقِ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ وَلِلشُّيُوخِ فِي الْوِفَاقِ غَيْرُ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.
(ص)
ـــــــــــــــــــــــــــــQحِفْظِ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ الْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ) وَالْفَاسِقِ بِالِاعْتِقَادِ فَهُوَ كَالْفَاسِقِ بِجَارِحَةٍ أَوْ أَشَدَّ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّهَا إلَى اعْتِقَادِهِ وَمَذْهَبُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ كَافِرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى حُرْمَةِ نِكَاحِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيُفْسَخُ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ وَيُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ، وَإِنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ سِكِّيرٍ فَاسِقٍ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى أَنْ تُزَوَّجَ ابْنَتِهِ مِنْ سِكِّيرٍ فَاسِقٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ فَعَلَهُ الْأَبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَتْهَا الْمَرْأَةُ فَحَقُّ الْوَلِيِّ بَاقٍ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَلِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَدْخُلْ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ، فَإِنْ دَخَلَ فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ كَانَ مُعْتَرِضًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ وَرَضِيَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَرْضَ هُوَ بِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلُهُ.
(قَوْلُهُ فَطَلَّقَ) قَالَ الزَّرْقَانِيُّ هِيَ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْفَاءَ الْفَصِيحَةَ هِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ عب بَلْ الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ فَقَطْ بِدُونِ تَعْقِيبٍ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي الْفَاءِ الْفَصِيحَةِ أَحَدُ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ) . وَأَمَّا لَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَهِيَ زَوْجَةٌ وَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا.
(قَوْلُهُ وَلِلْأُمِّ) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ وَأَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ (قَوْلُهُ التَّكَلُّمُ) أَيْ بِأَنْ تَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ فَيَنْظُرَ فِيمَا أَرَادَهُ الْأَبُ هَلْ هُوَ صَوَابٌ فَيَرُدَّهَا إلَيْهِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فِي تَزْوِيجٍ أَيْ فِي إرَادَةِ تَزْوِيجٍ (قَوْلُهُ مِنْ فَقِيرٍ) ابْنِ أَخٍ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ فَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْأَخِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ وَفِي ك عَنْ تَقْرِيرِ قَوْلِهِ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ وَغَيْرُ الْأَبِ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَأَمَّا الْأُمُّ فَخَاصٌّ بِهَا مُطَلَّقَةً أَمْ لَا وَمِثْلُ الْفَقْرِ مَنْ يُغَرِّبُهَا عَنْ أُمِّهَا مَسَافَةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَيُشْكِلُ هَذَا الْفَرْعُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِكَخَصِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُجْبِرَ ابْنَتَهُ عَلَى الْخَصِيِّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ أَيْ. وَأَمَّا الْفَقْرُ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ فَلَهُ جَبْرُهَا وَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ حَتَّى لِلْأُمِّ مَعَ جَعْلِهِمْ هُنَا لِلْأُمِّ التَّكَلُّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَبْنَى مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ فَتَرَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي نُسْخَةٍ إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ مُتَكَلَّمًا) أَيْ تَكَلُّمًا (قَوْلُهُ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهَا) أَيْ مُؤَكِّدًا لِقَوْلِهِ نَعَمْ (قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَقِمْ مَعَ قَوْلِهِ نَعَمْ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ مُسْتَقِيمٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ مَعْنَاهُ أَجَبْت سُؤَالَك قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ رِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ أَصَحُّ قَالَهُ الْبَدْرُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَتَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ قَوْلَ مَالِكٍ وَتَقْدِيمُهُ الْإِثْبَاتَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهَا اهـ (أَقُولُ) وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا التَّكَلُّمُ أَيْ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ (قَوْلُهُ وَيَعْنِي بِالضَّرَرِ ضَرَرَ الْبَدَنِ) أَيْ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْفَقْرِ الْمُضِرِّ بِهَا) أَيْ. وَأَمَّا الْإِمَامُ فَقَطْ تَكَلَّمَ عَلَى الْفَقْرِ الْمُضِرِّ بِهَا أَيْ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ أَيْ إلَّا لِفَقْرٍ بَيِّنٍ مُضِرٍّ بِحَالِهَا (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ الْبَيِّنُ) أَيْ بِفَقْرِ ابْنِ الْأَخِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا التَّكَلُّمَ) فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ يَحْصُلُ بِفَقْرِ ابْنِ الْأَخِ الضَّرَرُ الْبَيِّنُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ) يَحْصُلُ لَهَا بِفَقْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِلشُّيُوخِ فِي الْوِفَاقِ) أَيْ بِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ عَلَى صَدَاقِ