لَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةٌ إلَّا عَلَى الْبَالِغِ فَقَطْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَلَا يُزَوِّجُونَهَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا لَكِنَّ هَذِهِ الْبَالِغَ إمَّا أَنْ تَكُونَ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا فَأَمَّا الثَّيِّبُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا الْبِكْرُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَبْكَارِ السَّبْعِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ.
(ص) إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَبَلَغَتْ عَشْرًا وَشُووِرَ الْقَاضِي (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الْبَالِغِ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْأَحْوَالِ أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّ غَيْرُ الْمُجْبَرِ لَا يُزَوِّجُ غَيْرَ الْبَالِغِ بِحَالٍ إلَّا يَتِيمَةً وَهِيَ مِنْ لَا أَبَ لَهَا فَتُزَوَّجُ بِشُرُوطٍ أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ فِي حَالِهَا أَوْ مَالِهَا بِعَدَمِ تَزْوِيجِهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ وَكَانَ لَهَا مَيْلٌ لِلرِّجَالِ وَأَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَأَنْ تَكُونَ قَدْ أَتَمَّتْ عَشْرَةَ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ وَأَنْ يُشَاوِرَ الْقَاضِي الَّذِي يَرَى ذَلِكَ بِأَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ خَوْفُ فَسَادِهَا وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ فَيَأْمُرُ حِينَئِذٍ الْوَلِيَّ بِتَزْوِيجِهَا وَأَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ لِعَاصِبِهَا أَوْ لِوَصِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَوْ لِلْحَاكِمِ إنْ لَمْ يَكُونَا وَبِعِبَارَةٍ وَشُووِرَ الْقَاضِي مَالِكِيًّا أَوْ غَيْرَهُ بِأَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ يُتْمُهَا وَفَقْرُهَا وَخُلُوُّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفُؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ وَالصَّدَاقِ وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ خِيفَ فَسَادُهَا) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ خَوْفُ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِخَوْفِ الْفَسَادِ مَا يَشْمَلُ الْخَوْفَ مِنْ جِهَةِ فَقْرِهَا.
(تَنْبِيهٌ) : مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إذَا لَمْ تَكُنْ يَتِيمَةً لَا تُزَوَّجُ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ لَا خِلَافَ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إذَا قَطَعَ الْأَبُ عَنْهَا النَّفَقَةَ وَغَابَ وَخُشِيَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ أَنَّهَا تُزَوَّجُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا السُّلْطَانُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ انْتَهَى أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً كَمَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَةَ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرَةً وَلَا أَذِنَتْ بِالْقَوْلِ قَالَ عج وَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ يَتِيمَةٍ انْتَهَى مِنْ عب وَذَكَرَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَانْظُرْ إذَا زُوِّجَتْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ هَلْ يُحْتَاجُ فِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَهُ إلَيْهَا أَيْضًا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَقَوْلُهُ فِي حَالِهَا أَيْ بِأَنْ يَخْشَى عَلَيْهَا الزِّنَا أَوْ الضَّيْعَةَ بِالْفَقْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَالِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْمَالِ أَيْ بِأَنْ يُضَاعَ يُزَالُ بِالْوَصِيِّ وَبِالْمُقَامِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي وَيُجَابُ بِأَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ حَيْثُ لَا وَصِيَّ وَلَا أَمْكَنَ مُقَدَّمٌ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ وَكَانَ لَهَا مَيْلٌ لِلرِّجَالِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ حَالِهَا بِالزِّنَا (قَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً) أَيْ أَوْ أَنْ تَكُونَ مُحْتَاجَةً هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي حَالِهَا بِالْفَقْرِ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ خَوْفَ الْفَسَادِ يَسْتَلْزِمُ الْمَيْلَ لِلرِّجَالِ وَيَسْتَلْزِمُ الِاحْتِيَاجَ لِلزَّوَاجِ (قَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ قَدْ أَتَمَّتْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ) أَيْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ عَشْرًا أَيْ أَتَمَّتْهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَثْبُتَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْمُشَاوَرَةِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُشَاوَرَةِ ثُبُوتُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُشَاوَرَةُ عِبَارَةً عَنْ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ خِيفَ فَسَادُهَا فَكَانَ يَقُولُ إلَّا يَتِيمَةً ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي مُوجِبُهُ أَيْ الْمُفَسَّرُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَثْبُتَ إلَخْ وَقَوْلُهُ خَوْفُ فَسَادِهَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي مَالِهَا وَحَالِهَا قَدْ ذَكَرَ عج أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا خِيفَ فَسَادُهَا بِالزِّنَا أَوْ مَالِهَا.
وَأَمَّا خَوْفُ الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فَهُوَ مُوجِبٌ لِتَزْوِيجِهَا، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ بِالْقَوْلِ اهـ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ خَوْفَ فَسَادِهَا بِالزِّنَا فَظِيعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ فَكَانَ أَوْلَى بِعَدَمِ اعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ مِنْ خَوْفِ الضَّيْعَةِ بِالْفَقْرِ وَقَدْ بَحَثْت فِي ذَلِكَ مَعَ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَلَمْ يُسَلِّمْهُ (قَوْلُهُ وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ) أَيْ تَمَامِهَا لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَبُلُوغِهَا الْعَشْرَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُتِمَّهَا وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ أَتَمَّتْهَا (قَوْلُهُ وَأَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَثْبُتَ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا يَتِيمَةً مَخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا جَبْرَ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ مُخْرَجٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ فَالْبَالِغُ لَا غَيْرُهَا إلَّا إلَخْ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ أَوْ لِوَصِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ) . وَأَمَّا لَوْ كَانَ وَصِيُّهَا مُجْبَرًا لِجَبْرِهَا وَاسْتَغْنَى عَمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَفَقْرِهَا) وَأَنَّهُ مَا أَوْصَى أَبُوهَا لِأَحَدٍ وَلَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ قَدِمَ عَلَيْهَا مُقَدَّمًا.
(قَوْلُهُ وَفَقْرِهَا) هَذَا إذَا كَانَتْ تُزَوَّجُ لِخَوْفِ الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا فَذِكْرُهَا هُنَا إنَّمَا هُوَ لِاعْتِبَارِ مَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ مِنْهَا كَمَا يَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ فِي خَوْفِ الْفَسَادِ بِالزِّنَا أَوْ الْمَالِ لَا فِي الضَّيْعَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ كُفُؤُهَا فِي الدِّينِ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَقَوْلُهُ وَالْحُرِّيَّةِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مِثْلَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ غَيْرُ كُفْءٍ (قَوْلُهُ وَالْحَالِ) مَا يُعَدُّ مِنْ الْمَفَاخِرِ كَكَرْمٍ وَعِلْمٍ لَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ الشَّرِيفِ وَالْمَوْلَى وَالْأَقَلَّ جَاهًا كُفْءٌ لِلشَّرِيفِ وَالْعَرَبِيِّ وَالْعَظِيمِ جَاهًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ مِنْ الْكَفَاءَةِ فَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَاشٍ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ اعْتِبَارُهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ فَلَا فَسْخَ وَمَضَى النِّكَاحُ وَفِي خَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ النَّفْرَاوِيِّ وَتَكُونُ هَذِهِ مُخَصِّصَةً لِقَوْلِهِمْ الْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالْحَالُ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ.
(قَوْلُهُ وَالصَّدَاقِ) أَيْ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ) أَيْ كَمَوْضُوعِ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَةَ لَمْ تَكُنْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرِ نَفْسِهَا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَشِيدَةً فَلَهَا الرِّضَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ الْمَهْرِ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَقَوْلُهُ بَكَارَتُهَا وَثُيُوبَتُهَا وَيَخْتَلِفُ الْمَهْرُ بِالثُّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ وَأَيْضًا فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بِخِلَافِ الْبِكْرِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ السَّبْعَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ فِي الَّتِي يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي فَذِكْرُهَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ مِنْهَا