عِنْدَ الرَّمْيِ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَبٍ أَوْ قَبِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لِغَيْرِهِ وَبِالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَشْيِ فِي الْحَرْبِ كَفِعْلِ أَبِي دُجَانَةَ فَقَالَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّهَا مِشْيَةٌ يَبْغُضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الرَّجَزُ عِنْدَ الرَّمْيِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خَرَجْت فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ وَأَقُولُ أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ الْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الرَّمْيِ كَأَنَا فُلَانٌ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَيَجُوزُ الصِّيَاحُ عِنْدَ الرَّمْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْجِيعِ وَإِشْغَالِ النَّفْسِ عَنْ التَّعَبِ (ص) وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ لَا حَدِيثُ الرَّامِي (ش) أَيْ وَالْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ الرَّمْيِ بِالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ لَا حَدِيثُ الرَّامِي بِأَنْ يَتَمَدَّحَ وَيَذْكُرَ مَنَاقِبَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الرَّمْيُ مَوْضِعُ الرَّامِي وَالْمُرَادُ بِحَدِيثِهِ الِافْتِخَارُ وَالرَّجَزُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالصِّيَاحُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِأَحَادِيثَ فَاللَّامُ الْجَرِّ وَالتَّعْلِيلِ جَمْعُ حَدِيثٍ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَازِ أَيْ جَازَ الِافْتِخَارُ وَمَا مَعَهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ فِيهَا الْمَنْعُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِعْجَابِ وَالْخُيَلَاءِ.
(تَنْبِيهٌ) : وَيَجْرِي فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ وَفِي الْقِتَالِ الْجَائِزِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ وَالِافْتِخَارُ إلَخْ.
(ص) وَلَزِمَ الْعَقْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ الْمُسَابَقَةِ بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ أَوْ بَيْنَ الرَّامِيَيْنِ إذَا وَقَعَ بِجُعْلٍ لَازِمٍ بِمُجَرَّدِ صُدُورِهِ كَلُزُومِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ (كَالْإِجَارَةِ) إلَى أَنَّ لُزُومَ الْعَقْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رُشْدِ الْعَاقِدِ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الْجِهَادِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُشْرِكُهُ فِي مَعْنَاهُ لُغَةً فَهُوَ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ لِخَبَرِ إنَّ «مِنْ الذُّنُوبِ ذُنُوبًا لَا يُكَفِّرُهَا صَلَاةٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا جِهَادٌ إلَّا السَّعْيُ عَلَى الْعِيَالِ» أَوْ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَافْتَتَحَهُ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ لِكَثْرَتِهَا فِي النِّكَاحِ قَالَ وَلَيْسَ كُلُّ مَا ذُكِرَ هُنَا مَشْهُورًا بَلْ فِيهِ أَشْيَاءُ مَا قَالَ بِهَا إلَّا مَنْ شَذَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَوُجُوبِ الضُّحَى وَاسْتِبْدَادِهِ بِجَمِيعِ الْخَمْسِ قَالَ وَلَيْسَ مَا قِيلَ بِاخْتِصَاصِهِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْصُورًا فِيمَا ذُكِرَ إلَى آخِرِ مَا قَالَ وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَذِهِ الْخَصَائِصِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا قَدْ مَضَى حُكْمُهَا بِمَوْتِهِ لِلتَّنْوِيهِ بِعِظَمِ قَدْرِهِ وَلِئَلَّا يَتَأَسَّى بِهِ فِيهَا أَحَدٌ فَذِكْرُهَا إمَّا مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ قَالَ بَعْضٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
فَقَالَ (ص) خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ بِحَضَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُصَّ عَنْ أُمَّتِهِ بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَالْأَضْحَى أَيْ الضَّحِيَّةُ وَالْأَضْحَى لُغَةٌ فِي الضَّحِيَّةِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا خُصُوصُ الْبَحْرِ الْمَخْصُوصِ لَكِنْ الْأَكْثَرُ فِي الْحَرْبِ الرَّجَزُ؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ الْحَرَكَةَ وَالِاضْطِرَابَ (قَوْلُهُ إنَّهَا مِشْيَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ بِالنَّبْلِ) أَيْ السِّهَامِ (قَوْلُهُ الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ) سَجْعٌ لَمْ يَلْتَزِمْ فِيهِ الْوَزْنَ قَالَ السُّهَيْلِيُّ يَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهِمَا أَيْ الْيَوْمُ وَالْيَوْمُ وَرَفْعُ الثَّانِي وَنَصْبُ الْأَوَّلِ عَلَى جَعْلِ الْأَوَّلِ ظَرْفًا قَالَ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ الظَّرْفُ وَاسِعًا وَلَمْ يُضَفْ عَلَى الثَّانِي وَالرُّضَّعُ جَمْعُ رَاضِعٍ وَهُوَ اللَّئِيمُ فَمَعْنَاهُ الْيَوْمُ يَوْمُ اللِّئَامِ أَيْ يَوْمُ هَلَاكِ اللِّئَامِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَئِيمٌ رَاضِعٌ وَهُوَ الَّذِي رَضَعَ اللُّؤْمَ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ وَكُلُّ مَنْ نُسِبَ إلَى لُؤْمٍ فَإِنَّهُ يُوصَفُ بِالْمَصِّ وَالرَّضَاعِ وَالْأَصْلُ أَنَّ شَخْصًا كَانَ شَدِيدَ الْبُخْلِ وَكَانَ إذَا أَرَادَ حَلْبَ نَاقَتِهِ ارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا لِئَلَّا يَحْلُبَهَا فَيَسْمَعُ جِيرَانَهُ أَوْ مَنْ يَمُرُّ بِصَوْتِ الْحَلْبِ فَيَطْلُبُونَ مِنْهُ اللَّبَنَ إلَخْ فَقَالُوا فِي الْمَثَلِ أَلْأَمُ مِنْ رَاضِعٍ انْتَهَى وَقِيلَ إنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَمَالِقَةِ طَرَقَهُ ضَيْفٌ لَيْلًا فَمَصّ ضَرْعَ شَاتِه لِئَلَّا يَسْمَعَ الضَّيْفُ صَوْتَ الْحَلْبِ فَكَثُرَ حَتَّى صَارَ كُلُّ لَئِيمٍ رَاضِعًا سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَقِيلَ الْمَعْنَى الْيَوْمَ يَعْرِفُ مَنْ رَضَعَ كَرِيمَةً فَأَنْجَبَتْ أَوْ لَئِيمَةً فَهَجَّنَتْ أَوْ الْيَوْمَ يَعْرِفُ مَنْ أَرْضَعَتْهُ الْحَرْبُ مِنْ صِغَرِهِ وَتَدَرَّبَ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَزَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ عَنْ بَغْلَتِهِ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ» (قَوْلُهُ لَا حَدِيثُ الرَّامِي) أَيْ تَحَدُّثُهُ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ إلَخْ) كَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ» إلَخْ.
(قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ فِي الْمُسَابَقَةِ إجَارَةٌ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ تَشْبِيهُ إجَارَةِ خَفِيَّةٍ بِإِجَارَةٍ شَهِيرَةٍ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ إجَارَةٌ غَيْرُهَا
(بَابٌ) (قَوْلُهُ فِي مَعْنَاهُ لُغَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّكَاحَ لُغَةً الْعَقْدُ فَلَا مُشَارَكَةَ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَعْنَى مَا يَشْمَلُ الْمَدْلُولَ الِالْتِزَامِيَّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَهْدَ وَالْمَشَقَّةَ لَازِمَانِ لِلنِّكَاحِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ الْجَهْدُ أَيْ لِأَنَّهُ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ أَيْ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ أَيْ أَنَّ مِنْ لَوَازِمِهِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ، دَلِيلٌ لِكَوْنِ النِّكَاحِ جَهْدًا وَمَشَقَّةً؛ لِأَنَّ السَّعْيَ عَلَى الْعِيَالِ مَشَقَّةٌ أَيْ وَمِنْ جُمْلَةِ الْعِيَالِ الزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ أَوْ كَمَا قَالَ) لَفْظُهُ تُقَالُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي لَفْظِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتِبْدَادِهِ بِجَمِيعِ الْخَمْسِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ خُمْسُ الْخُمْسِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ أَشْيَاءَ زَائِدَةً عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَمِمَّا اخْتَصَّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ أَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ فِي وَجْهٍ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَامِلَةً لَا خَلَلَ فِيهَا وَإِتْمَامُ كُلِّ تَطَوُّعٍ شَرَعَ فِيهِ وَأَنْ يَدْفَعَ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لِلتَّنْوِيهِ) أَيْ لِلْإِعْلَامِ بِعِظَمِ قَدْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَتَأَسَّى) أَيْ يَقْتَدِيَ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) الْأَحْسَنُ التَّفْصِيلُ إنْ ظَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَإِنْ احْتَمَلَ عَلَى السَّوَاءِ فَذِكْرُهَا مَنْدُوبٌ.
(بَابٌ خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) (قَوْلُهُ بِوُجُوبِ الضُّحَى) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ (قَوْلُهُ عَنْ أُمَّتِهِ) وَيُحْتَمَلُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ خُصَّ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي جَمِيعِهَا بَلْ فِي بَعْضِهَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ أَقَلُّهُ) لَا أَوْسَطُهُ وَلَا أَكْثَرُهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَقَلَّهُ رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرَهُ ثَمَانٍ وَأَوْسَطَهُ سِتٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمَاهِيَّةُ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِهَا فِي الْأَقَلِّ أَوْ الْوَسَطِ أَوْ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ وَالْأَضْحَى أَيْ الضَّحِيَّةُ) أَرَادَ الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ وَالْأَضْحَى أَرَادَ اللَّفْظَ أَيْ وَالْأَضْحَى لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى اللَّفْظِ فَفِيهِ شَبَهُ اسْتِخْدَامٍ وَقَوْلُهُ لُغَةٌ فِي الضَّحِيَّةِ أَيْ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ فِي مَعْنَى ضَحِيَّةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ اللُّغَةَ الْأُولَى بِهَذَا الْمَعْنَى لَفْظُ ضَحِيَّةٍ أَيْ فَالذَّاتُ يَدُلُّ عَلَيْهَا لَفْظَانِ لَفْظُ ضَحِيَّةٍ وَلَفْظُ أَضْحَى (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ فِي حَقِّهِ