إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَرْضِ مُجْمَلًا لَكِنْ ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ.

(ص) وَلِلْعَنَوِيِّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ إنْ شَرَطَ وَإِلَّا فَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَنْوِيَّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ كَنِيسَةً فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ الْمُقِرُّ بِهَا أَهْلُهَا وَفِيمَا يَخْتَطُّهُ الْمُسْلِمُونَ يَسْكُنُوهُ مَعَهُمْ إذَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ وَيُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرْبِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنِيسَةِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِي كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ، وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ.

(ص) كَرَمِّ الْمُنْهَدِمَ (ش) يَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ التَّامَّ فَيَجُوزُ مَعَ الشَّرْطِ لَا مَعَ عَدَمِهِ وَيَحْتَمِلُ النَّاقِصَ وَهُوَ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَلَوْ مَعَ الشَّرْطِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِحْدَاثِ وَالتَّرْمِيمِ فَيُقَالُ إنَّ التَّرْمِيمَ فِيهِ بَقَاءُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَتَجْوِيزُهُ يُوَصِّلُ لَهُمْ إلَى أَغْرَاضِهِمْ مِنْ بَقَاءِ الْكَنِيسَةِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِحْدَاثِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ كَأَنَّهُمْ الْمُنْشِئُونَ لَهَا وَيُقَوِّي الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ تَصْرِيحُهُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَرَّحُ بِهِ إلَّا لِنُكْتَةٍ وَهِيَ ذِكْرُهُ لِيُشَبِّهَ بِهِ.

(ص) وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحِيَّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ كَنِيسَةً فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجُوزُ بِهِ أَيْضًا أَنْ يَرُمَّ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْكَنَائِسِ الْقَدِيمَةِ وَسَوَاءٌ شُرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ.

(ص) وَبَيْعُ عَرْصَتُهَا أَوْ حَائِطٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلصُّلْحِيِّ أَنْ يَبِيعَ عَرْصَةَ الْكَنِيسَةِ أَوْ حَائِطَهَا بِخِلَافِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا فَيْءٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَحَائِطٌ بِالْجَرِّ أَوْ بِالنَّصْبِ إمَّا عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ عَرْصَتِهَا أَوْ عَلَى مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ (ص) لَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ (ش) أَيْ الَّتِي بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ أَيْ الَّتِي انْفَرَدَ بِاخْتِطَاطِهَا الْمُسْلِمُونَ أَيْ الَّتِي كَانَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ فَتْحِ أَرْضِهِ لَا الْبَلَدِ الَّتِي اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ هَذَا مَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مَفْسَدَةٌ فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْ الْمَنْعِ مَفْسَدَةٌ أَعْظَمُ ارْتَكَبَ أَخَفَّ الْمَفْسَدَتَيْنِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ) .

(ص) وَمُنِعَ رُكُوبَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالسُّرُوجِ وَجَادَّةِ الطَّرِيقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذِّمِّيَّ عَنَوِيًّا أَوْ صُلْحًا يُمْنَعُ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ النَّفِيسَةِ وَمِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ وَيُمْنَعُ مِنْ الرُّكُوبِ فِي السُّرُوجِ، وَلَوْ عَلَى الْحَمِيرِ بَلْ يَرْكَبُونَ عَلَى الْأَكُفِّ عَرْضًا بِأَنْ يَجْعَلَ رِجْلَيْهِ مَعًا فِي جَانِبِ الدَّابَّةِ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى وَالْأَكُفُّ الْبَرْذعَةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ الْكَبِيرَةِ. وَأَمَّا الْجِمَالُ فَهِيَ فِي عُرْفِ قَوْمٍ كَالْخَيْلِ وَفِي عُرْفِ آخَرِينَ كَالْحَمِيرِ بَلْ دُونَهَا فَتَجْرِي عَلَى هَذَا وَيُمْنَعُ مِنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ أَيْ وَسَطَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ خَالِيًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَادَّةُ الطَّرِيقِ مُعْظَمُهَا وَالْجَمْعُ جَوَادُّ.

(ص) وَأُلْزِمَ بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُ وَعُزِّرَ لِتَرْكِ الزُّنَّارِ وَظُهُورِ السُّكْرِ وَمُعْتَقَدِهِ وَبَسْطُ لِسَانِهِ وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ وَكُسِرَ النَّاقُوسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذِّمِّيَّ يَلْزَمُهُ أَنْ يَلْبَسَ شَيْئًا يُمَيِّزُهُ عَنْ زِيِّ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَتَشَبَّهَ بِهِمْ وَلِهَذَا إذَا تَرَكَ لُبْسَ الزُّنَّارِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ وَالزُّنَّارُ بِضَمِّ الزَّاي هُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ عَلَامَةً عَلَى الذُّلِّ، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا أَظْهَرَ السُّكْرَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا أَظْهَرَ مُعْتَقَدَهُ فِي الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا بَسَطَ لِسَانَهُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بِحَضْرَتِهِ وَالْمُرَادُ بِبَسْطِ لِسَانِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَلَا يَحْتَرِمَ الْحَاضِرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبًّا وَلَا شَتْمًا، وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إذَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ شَرَطَ) أَيْ إنْ طَاعَ الْإِمَامُ لَهُ بِذَلِكَ أَيْ إنْ سَأَلَ وَأَجَابَهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعَنَوِيُّ مَقْهُورٌ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ شَرْطٌ (قَوْلُهُ يَسْكُنُوهُ مَعَهُمْ) كَذَا بِخَطِّهِ بِحَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ أَيْ لَا بَلَدَ يَسْبِقُ الْمُسْلِمُونَ بِاخْتِطَاطِهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَتَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ الْعَنْوِيُّ مِنْ الْإِحْدَاثِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ شَرَطَ أَمْ لَا.

(تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَكَلَ الْبَحْرُ كَنِيسَتَهُمْ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي ك أَنَّ لَهُمْ الْإِحْدَاثَ بِالشَّرْطِ أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُمْ الْمُنْشِئُونَ لَهَا) لَا يَخْفَى مَا فِي بُعْدِ هَذَا إذْ فِي الْإِحْدَاثِ إظْهَارُ شَوْكَةِ الْكُفْرِ بِخِلَافِ التَّرْمِيمِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ لَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الْعَنْوِيِّ وَالصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ الَّتِي يَعْلُو عَلَيْهَا (قَوْلُهُ اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ) أَيْ نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخِطَّةُ بِالْكَسْرِ الْأَرْضُ يَخْتَطُّهَا الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يُعَلِّمَ عَلَيْهَا عَلَامَةً وَيَخُطُّ عَلَيْهَا خَطًّا لِيَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ احْتَازَهَا وَبِهِ سُمِّيَتْ خُطَطَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْ الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعِ الْإِحْدَاثِ سُئِلَ النَّاصِرُ عَنْ اكْتِرَاءِ الْيَهُودِ دَارًا لِأَجْلِ جَعْلِهَا مَعْبَدًا لَهُمْ فَأَجَابَ بِالْمَنْعِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ دَارٍ لَهُمْ يَجْعَلُونَهَا كَنِيسَةً، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِي الْبَلَدِ مُسْلِمٌ وَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الْكِرَاءِ وَبِالزَّائِدِ فِي الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ الْخَيْلُ النَّفِيسَةُ) الْمُعْتَمَدُ يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ نَفِيسَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ الْأُكُفُ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ أَكَافٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْبَرْذعَةُ الصَّغِيرَةُ تَفْسِيرٌ لِلْمُفْرَدِ وَهُوَ أَكَافٍ لَا لِلْجَمْعِ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ الْبَرْذعَةُ الصَّغِيرَةُ) أَيْ كَالْعَرَاقَةِ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ.

(قَوْلُهُ وَظُهُورُ السُّكْرِ) أَيْ فِي مَجْلِسٍ غَيْرِ خَاصٍّ بِهِمْ فَيَشْمَلُ الْأَسْوَاقَ وَحَوَارِيَّهُمْ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْمُسْلِمُونَ، وَلَوْ لِبَيْعٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَأَمَّا لَوْ أَظْهَرُوهُ فِي بُيُوتِهِمْ وَعَلِمْنَا ذَلِكَ بِرَفْعِ صَوْتِهِمْ أَوْ بِرُؤْيَتِهِمْ مِنْ دَارِنَا الْمُقَابِلَةِ لَهُمْ فَلَا (قَوْلُهُ وَمُعْتَقِدُهُ) مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَتَنْفِيرِهِمْ عَنْ اعْتِقَادِهِمْ فَيُنْقَضُ عَهْدُهُ (قَوْلُهُ وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْحَاكِمِ قَالَهُ تت (قَوْلُهُ هُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ) هُوَ خُيُوطٌ كَثِيرَةٌ مُلَوَّنَةٌ بِأَلْوَانٍ شَتَّى تُشَدُّ فِي الْوَسَطِ وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَبِسَ الْبُرْنِيطَةَ وَالطُّرْطُورَ لَا يُعَزَّرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى لَبِسَ مَا فِيهِ عَلَامَةٌ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015