فَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ اللِّقَاءِ أُسْهِمَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ الْقِتَالُ.
(ص) وَأَعْمَى وَأَعْرَجَ وَأَشَلَّ وَمُتَخَلِّفٍ لِحَاجَةٍ إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْجَيْشِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ لَا يُسْهَمُ لِأَعْمَى وَلَا لِأَشَلَّ وَلَا لِأَقْطَعَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، وَلَوْ كَانَتْ بِهِمْ مَنْفَعَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ لَا يُسْهَمُ لِمَنْ تَخَلَّفَ لِحَاجَةٍ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ حَوَائِجِ الْجَيْشِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ.
(ص) وَضَالٍّ بِبَلَدِنَا، وَإِنْ بِرِيحٍ بِخِلَافِ بَلَدِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَازِيَ إذَا ضَلَّ مِنْ الْجَيْشِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ لِلْجَيْشِ، وَإِنْ ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ بِرِيحٍ أَتَتْ عَلَى مَرْكَبِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مَرْكَبَ الْأَمِيرِ بِخِلَافِ مَنْ ضَلَّ مِنْ الْجَيْشِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُكْثِرُ السَّوَادَ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَإِنْ بِرِيحٍ وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ وَهُوَ مُنْتَقَدٌ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.
(ص) وَمَرِيضٍ شَهِدَ كَفَرَسٍ رَهِيصٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ فِي قَوْلِهِ بِبَلَدِهِمْ أَيْ بِخِلَافِ ضَالٍّ بِبَلَدِهِمْ وَبِخِلَافِ مَرِيضٍ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى انْهَزَمَ الْعَدُوُّ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَضَرَ سَبَبَ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ الْقِتَالُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الْمَرِيضُ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ، وَالْمُقْعَدُ الَّذِي لَهُ رَأْيٌ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى مِنْهُ وَكَذَا سَائِرُ مَنْ قُلْنَا لَا يُسْهَمُ لَهُ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الرَّأْيُ كَالْأَعْرَجِ وَالْأَشَلِّ انْتَهَى، وَكَذَلِكَ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الرَّهِيصِ أَيْ الَّذِي بِهِ مَرَضٌ فِي بَاطِنِ حَافِرِهِ مِنْ وَطْئِهِ عَلَى حَجَرٍ أَوْ شِبْهِهِ كَالْوَقْرَةِ وَإِنَّمَا أُسْهِمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِصِفَةِ الْأَصِحَّاءِ (ص) أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ (ش) أَيْ فَيُسْهَمُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُشْرِفْ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ مَرِضَ وَانْقَطَعَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ فَيَشْمَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِ الْإِسْلَامِ مَرِيضًا وَلَمْ يَزَلْ أَوْ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا وَقَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِشْرَافِ فَقَوْلَانِ بِالْإِسْهَامِ وَعَدَمِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ حَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا صُوَرَ زَوَالِ الْمَانِعِ بِأَنْ يَخْرُجَ مَرِيضًا ثُمَّ يَصِحَّ قَبْلَ دُخُولِ بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ الْإِشْرَافِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي حُصُولِ الْمَانِعِ لَا فِي زَوَالِهِ وَيَجْرِي فِي مَرَضِ الْفَرَسِ مَا يَجْرِي فِي مَرَضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأَعْرَجَ) أَيْ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا فَيُسْهَمَ لَهُ وَيَنْبَغِي جَرْيُهُ فِي الْأَعْمَى أَيْضًا وَفِي قَوْلِهِ وَأَشَلَّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْجَيْشِ) أَيْ، وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْلِمِينَ مِثَالُ تَعْلِيقِهَا بِالْجَيْشِ كَحَشْرٍ أَيْ جَمْعِ الْقَوْمِ أَوْ إقَامَةِ سُوقٍ، وَمِثْلُ تَعَلُّقِهَا بِالْجَيْشِ تَعَلُّقُهَا بِأَمِيرِ الْجَيْشِ كَقَسْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ وَقَدْ خَلَّفَهُ عَلَى بِنْتِهِ لِتَجْهِيزِهَا وَدَفْنِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِهِمْ مَنْفَعَةٌ إلَخْ) تَحَمَّلَ الْمَنْفَعَةَ عَلَى نَحْوِ بَرْيِ السَّهْمِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُمْ تَدْبِيرٌ فَيُسْهَمُ لَهُمْ.
(قَوْلُهُ وَضَالٌّ بِبَلَدِنَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلضَّالِّ بِبَلَدِنَا وَكَذَا مَنْ رُدَّ لَهَا بِرِيحٍ، فَإِنْ رُدَّ اخْتِيَارًا لَمْ يُسْهَمْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ بِرِيحٍ) أَيْ بِسَبَبِ رِيحٍ أَبْقَى الضَّلَالَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامٌ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ، وَإِنْ ضَلَّ بِرِيحٍ أَيْ، وَإِنْ ضَلَّ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى بِرَدٍّ بِرِيحٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُكَثِّرُ السَّوَادَ) أَيْ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِرِيحٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُبَالَغَةَ الرِّيحِ هُنَا لَا تَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ فِي قَوْلِهِ بِبَلَدِهِمْ) الْمُرَادُ بِالظَّرْفِيَّةِ الِارْتِبَاطُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُوفَ إنَّمَا هُوَ ضَالٌّ وَهُوَ مُضَافٌ إلَيْهِ أُضِيفَ إلَيْهِ خِلَافٌ فَلَيْسَ الْمُضَافُ مَظْرُوفًا فِي قَوْلِهِ بِبَلَدِهِمْ بَلْ مُرْتَبِطٌ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَرِيضٍ شَهِدَ إلَخْ) أَيْ وَالْمَرَضُ مَنَعَهُ مِنْ الْقِتَالِ فَلَمْ يُقَاتِلْ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْي) أَيْ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْفَعَةٌ يُحْمَلُ عَلَى مَنْفَعَةٍ خَاصَّةٍ مِنْ بَرْيِ سَهْمٍ فَلَا تَنَافِيَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَالْوَقْرَةِ) لَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ الْوَقْرَةُ (قَوْلُهُ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ) قَالَ السَّنْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَرِضَ أَيْ أَوْ انْقَطَعَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى شَهِدَ الَّذِي هُوَ صِفَةُ مَرِيضٍ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَهُ أَيْضًا مَعْطُوفٌ بِأَوْ الَّتِي لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ (قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ) أَيْ وَلَمْ يَحْضُرْ الْقِتَالَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ الَّذِي حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَرِيضٌ شَهِدَ كَفَرَسٍ رَهِيصٍ قَالَ بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ أَيْضًا وَحَلَّ عج بِخِلَافِهِ فَقَالَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ عَقِبَ ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ صَحِيحًا كَمَا يُفِيدُهُ ح فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَنَصُّهُ الْأُولَى أَنْ يَخْرُجَ فِي الْجَيْشِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى ابْتَدَأَ الْقِتَالَ فَمَرِضَ وَتَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ إلَى أَنْ هُزِمَ الْعَدُوُّ فَإِنَّ مَرَضَهُ لَا يَمْنَعُهُ سَهْمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ وَمَرِيضٌ شَهِدَ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولٍ بِخِلَافِ بَلَدِهِمْ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ) أَيْ وَانْقَطَعَ عَنْ الْقِتَالِ رَأْسًا فَلَمْ يَحْضُرْ الْقِتَالَ هَذَا لِلْقَلْشَانِيِّ وَحَلَّ عج بِخِلَافِهِ فَقَالَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ يَشْمَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مَرِيضًا وَاسْتَمَرَّ حَتَّى انْقَضَى الْقِتَالُ وَمَنْ خَرَجَ صَحِيحًا وَمَرِضَ قَبْلَ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ أَيْ وَبَعْدَ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ، وَلَوْ يَسِيرًا وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ أَيْضًا فِيهِمَا وَيَجْرِي فِي مَرَضِ الْفَرَسِ مَا جَرَى فِي مَرَضِ الْآدَمِيِّ مِنْ التَّفْصِيلِ، فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ طَرَأَ لَهُ الْمَرَضُ بَعْدَمَا شَهِدَ ابْتِدَاءَ الْقِتَالِ صَحِيحًا وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ قُلْت هُوَ أَنَّ مَنْ شَهِدَ ابْتِدَاءَ الْقِتَالِ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ الْمَرَضُ فَقَدْ شَهِدَ الْقِتَالَ صَحِيحًا فِي الْجُمْلَةِ وَفِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنَّمَا شَهِدَ جَمِيعَ الْقِتَالِ مَرِيضًا وَهَذَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ ح. وَأَمَّا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْقَلْشَانِيِّ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ مَنَعَهُ مِنْ حُضُورِ الْقِتَالِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ هَذَا وَيُبْحَثُ فِيمَا ذَكَرَ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِالْإِسْهَامِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِسْهَامِ حُضُورُ الْقِتَالِ وَلَمْ يُوجَدْ