(ص) وَخِيَانَةُ أَسِيرٍ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ خِيَانَةَ الْأَسِيرِ حَرَامٌ إذَا اُؤْتُمِنَ سَوَاءٌ اُؤْتُمِنَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى مَالٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا قَدَرَ عَلَى حَمْلِهِ وَيَهْرُبُ بِهِ وَسَوَاءٌ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ أَيْ بِأَنْ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا عَلَى أَنْ لَا يَخُونَهُمْ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ، نَحْوُ ائْتَمَنَّاك عَلَى كَذَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَخَذُوهُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ بِيَمِينٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ حُكْمَهُ فِي الْحُرْمَةِ كَالِائْتِمَانِ بِلَا يَمِينٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ (ش) لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا أَمِنُوهُ عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ وَكَذَا إنْ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ وَتَرَكُوهُ يَتَصَرَّفُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَهُ الْهَرَبُ وَالْأَخْذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنْ ائْتَمَنُوهُ، وَإِنْ أَحَلَفُوهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ يَمِينِهِ إكْرَاهٌ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَوْلُ ثَالِثٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي النَّظَرِ إنْ ائْتَمَنُوهُ عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ وَلَا يَقْتُلَ وَلَا يَأْخُذَ أَمْوَالَهُمْ جَازَ لَهُ الْهَرَبُ لِحُرْمَةِ الْمَقَامِ بِدَارِ الْحَرْبِ دُونَ الْقَتْلِ وَأَخْذِ الْمَالِ إذْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِلَوْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا عَمَّا لَوْ لَمْ يُؤْتَمَنْ أَوْ اُؤْتُمِنَ مُكْرَهًا فَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَالْهَرَبُ بِهَا.
(ص) وَالْغُلُولُ وَأَدَبٌ إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ (ش) الْغُلُولُ مِنْ الْغَلَلِ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي بَيْنَ الشَّجَرِ وَالْغَالُّ يَدْخُلُ مَا يَأْخُذُهُ بَيْنَ مَتَاعِهِ فَقِيلَ لَهُ غَالٍ وَيُقَالُ غَلَّ يَغَلُّ وَيَغِلُّ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ أَخْذُ مَا لَمْ يُبَحْ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدَّبُ الْغَالُّ، فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا سَقَطَ عَنْهُ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْغُلُولَ لَا يَمْنَعُ سَهْمَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلُزُومِ الْأَدَبِ لَهُ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَجِيئَنَا تَائِبًا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ. وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَحُدَّ زَانٍ وَسَارِقٌ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ.
(ص) وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ نَعْلًا وَحِزَامًا وَإِبْرَةً وَطَعَامًا، وَإِنْ نَعَمًا وَعَلَفًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْجَيْشِ أَخْذُ كُلِّ مَا يَحْتَاجُ مِنْهُمْ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ، وَلَوْ نَهَاهُمْ الْإِمَامُ ظَاهِرًا أَوْ خُفْيَةً نَعْلًا وَحِزَامًا وَإِبْرَةً وَطَعَامًا وَمُصَلِّحَهُ مِنْ نَحْوِ فُلْفُلٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ نَعَمًا يَذْبَحُهَا عَلَى الْمَعْرُوفِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَغَيْرِهِمَا وَيَرُدُّ جِلْدَهَا فِي الْمَغْنَمِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَعَلَفًا لِدَوَابِّهِمْ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَأْتِ بِلَوْ وَيَقُولُ، وَلَوْ نَعَمًا وَعَلَفًا لِرَدِّ الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي أَخْذِ الْأَنْعَامِ الْحَيَّةِ لِلذَّبْحِ قَوْلَانِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ الْقَوْلُ الْآخَرُ أَيْ بِالْمَنْعِ لَمْ أَرَهُ مَعْزُوًّا (ص) كَثَوْبٍ وَسِلَاحٍ وَدَابَّةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُجَاهِدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ وَغِرَارَةً لِطَعَامِهِ أَوْ حَمْلِ مَتَاعِهِ وَسِلَاحًا وَدَابَّةً لِلْقِتَالِ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى بَلَدِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ أَخْذِ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إذَا فَرَغَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لِيَرُدَّ) أَيْ بِنِيَّةِ رَدِّ مَا اسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ لَا بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إدْخَالِ الْكَافِ لِيَرْجِعَ الْقَيْدُ لِمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَيَأْخُذَهُ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ مَعَ ذَهَابِ عَيْنِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَبِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا كَنِيَّةِ الرَّدِّ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَرَدُّ الْفَضْلِ إنْ كَثُرَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا أُبِيحَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ لَا بِشَرْطِ الرَّدِّ وَهُوَ مَا عَدَا الثَّوْبَ وَالسِّلَاحَ وَالدَّابَّةَ إذَا فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ كَنِصْفِ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إنْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ إلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ لِتَفَرُّقِ الْجَيْشِ تَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ عَلَى الْمَشْهُورِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ اُؤْتُمِنَ طَائِعًا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اُؤْتُمِنَ طَائِعًا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ أَمْ لَا كَانَ بِيَمِينٍ أَمْ لَا فَلَا تَجُوزُ الْخِيَانَةُ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَإِنَّمَا جَرَى الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا كَانَ بِيَمِينٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكْرَهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ لَا بِيَمِينٍ وَلَا بِغَيْرِهِ فَلَهُ الْخِيَانَةُ اتِّفَاقًا. وَأَمَّا إنْ أَمِنَ مُكْرَهًا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاهَدَةِ أَمْ لَا بِيَمِينٍ أَمْ لَا فَلَهُ الْخِيَانَةُ فِيمَا شَاءَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَهْرُبُ فِي الْعَهْدِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ وَيَرَوْنَ أَيْ الْكُفَّارُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ غَيْرُ صُورَةِ عَدَمِ الِائْتِمَانِ رَأْسًا فَإِذَا تَنَازَعَ الْأَسِيرُ وَمَنْ أَمَّنَهُ هَلْ وَقَعَ الِائْتِمَانُ عَلَى الطَّوْعِ أَوْ الْإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ فِي الْفِدَاءِ أَوْ بَعْضِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : إنْ أَمِنَ مُكْرَهًا وَحَلَفَ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ. وَأَمَّا إنْ حَلَفَ طَائِعًا حَنِثَ بِهُرُوبِهِ وَخِيَانَتِهِ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَعَ جَوَازِ ذَلِكَ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَالْغُلُولُ) لَيْسَ مِنْهُ مَنْ يُجَاهِدُ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ وَلَا يَقْسِمُ الْغَنِيمَةَ الْقِسْمَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَيَأْخُذُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْهَا فَقَطْ فَإِنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ مِنْ شَرْحِ شب (قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ التَّعْزِيرُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَدَبُ.
(قَوْلُهُ وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ) قَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَا إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ بِنِيَّةِ الْغُلُولِ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ وَحِزَامًا) أَيْ مُعْتَادًا. وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِثْلَ أَحْزِمَةِ الْمُلُوكِ فَلَا (قَوْلُهُ أَخَذَ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ مِنْهُمْ مَا يَحْتَاجُهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ كُلِّ مُحْتَاجٍ مِنْ الْجَيْشِ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَكُلُّ مَا يَحْتَاجُ هُوَ فِي الْمَعْنَى بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَالْمَعْنَى يَجُوزُ لِلْجَيْشِ كُلُّ مُحْتَاجٍ مِنْهُمْ إلَخْ بَلَغَتْ بِهِمْ الْحَاجَةُ إلَى الضَّرُورَةِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ، وَلَوْ نَهَاهُمْ الْإِمَامُ) فِي ك، فَإِنْ نَهَاهُمْ الْإِمَامُ عَنْ الْأَخْذِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْأَخْذُ إلَّا إذَا بَلَغَتْ بِهِمْ الْحَاجَةُ إلَى الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ ظَاهِرًا إلَخْ) أَيْ أَخْذُهُمْ ظَاهِرًا أَوْ خُفْيَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَهْرَامٌ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ عَلِيٌّ وَابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا يُنْتَفَعُ بِدَابَّةٍ وَلَا بِسِلَاحٍ وَلَا بِثَوْبٍ (قَوْلُهُ وَدَابَّةً لِلْقِتَالِ) أَيْ وَيَكُونُ سَهْمَاهُ أَيْ الْفَرَسِ لِلْغَازِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ مَعَ ذَهَابِ عَيْنِهِ) أَوْ أَنَّهُ تَافِهُ الْقِيمَةِ كَالْإِبْرَةِ (قَوْلُهُ وَبِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا) أَيْ وَأَخْذُهُ بِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يُخْرِجُ لَهُ خُمُسًا