كَمَا إذَا فَجَأَ الْعَدُوُّ مَدِينَةَ قَوْمٍ، فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ الدَّفْعِ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ الْعَدُوَّ مَا لَمْ يَخَفْ مَنْ بِقُرْبِهِمْ مَعَرَّةَ الْعَدُوِّ، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ بِإِمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ فَلْيَلْزَمُوا مَكَانَهُمْ.

(ص) وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ طَائِفَةً تَخْرُجُ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَلَا يَسَعُهَا أَنْ تُخَالِفَ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الْإِمَامُ مِمَّنْ تَلِي الْعَدُوَّ أَمْ لَا كَانَتْ مِمَّنْ تُخَاطَبُ بِفَرْضِ الْجِهَادِ أَمْ لَا كَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ مَنْعِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ أَمْ لَا.

. (ص) وَسَقَطَ بِمَرَضٍ وَصِبًا وَجُنُونٍ وَعَمًى وَعَرَجٍ وَأُنُوثَةٍ وَعَجْزٍ عَنْ مُحْتَاجٍ لَهُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُسْقِطُ فَرْضَ الْجِهَادِ وَالْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكَلَّفِ إمَّا حِسِّيٌّ أَوْ شَرْعِيٌّ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا هَاهُنَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرَضَ الشَّدِيدَ يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْجِهَادِ مَا لَمْ يَفْجَأُ الْعَدُوُّ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِهِ بِالْعَجْزِ الْحِسِّيِّ وَبِالْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يُخَاطَبُ مَرِيضٌ وَلَا صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا أَعَمًى وَلَا أَعْرُجُ وَلَا أُنْثَى وَلَا عَاجِزٌ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ شِرَاءِ سِلَاحٍ وَمَا يَرْكَبُهُ وَمَا يُنْفِقُهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَهُ يَرْجِعُ لِلْجِهَادِ وَالسُّقُوطُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ إنْ كَانَ طَارِئًا أَوْ مَجَازِهِ إنْ كَانَ أَصْلِيًّا كَالصِّبَا وَالْأُنُوثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا حَتَّى يَسْقُطَ فَالسُّقُوطُ فِيهِمَا عَدَمُ الْخِطَابِ.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ بِقَوْلِهِ (وَرِقٌ وَدَيْنٌ حَلَّ) فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ عَيْنٌ وَالْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَرْضُ الْعَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ الْآنَ، وَإِنْ كَانَ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَكُلُّ مَنْ يَقْضِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَفَائِهِ خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (ص) كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ بِبَحْرٍ أَوْ خَطَرٍ (ش) هَذَا مُشَبَّهٌ فِي السُّقُوطِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَمَنْعِ وَالِدَيْنِ دَنِيَّةً أَيْ وَسَقَطَ الْجِهَادُ بِسَبَبِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَقَطَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ عَنْ الْوَلَدِ لِمَنْعِ الْوَالِدَيْنِ مِنْهُ أَوْ أَحَدِهِمَا وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ فَرْضِ كِفَايَةٍ لِيُفِيدَ التَّصْرِيحُ الْمَذْكُورُ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ مُطْلَقًا جِهَادًا أَوْ غَيْرَهُ كَطَلَبِ عِلْمٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَاجَةِ إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ بِبَحْرٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الْجِهَادِ وَأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الْوَالِدَيْنِ مِنْهُ إذَا كَانَ بِرُكُوبِ بَحْرٍ أَوْ سَيْرِ بَرٍّ خَطَرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُمَا الْمَنْعُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ لَا بِقَيْدِ ذَلِكَ فَلِذَا قَالَ بَعْضٌ صَوَابُهُ كَتَجْرٍ بِبَحْرٍ أَوْ خَطَرٍ بِالْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى تَجْرٍ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَالْجِيمِ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ ثُمَّ الْبَاءِ الدَّاخِلَةِ عَلَى بَحْرٍ ضِدِّ الْبَرِّ أَيْ لِيَصِيرَ تَشْبِيهًا فِي الْمَنْعِ لَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْجِهَادِ.

(ص) لَا جَدٍّ (ش)

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ طَائِفَةً) أَيْ، وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ كَانَتْ مِمَّنْ تُخَاطَبُ بِفَرْضِ الْجِهَادِ أَمْ لَا) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ عَلَى صَبِيٍّ مُطِيقٍ لِلْقِتَالِ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ مَدِينٍ وَيَخْرُجُونَ، وَلَوْ مَنَعَهُمْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ وَالْأَبَوَانِ وَرَبُّ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ وَسَقَطَ) هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمَّا فَرْضُ الْعَيْنِ فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَهُ الْفِيشِيُّ.

(فَائِدَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ النَّافِيَةَ لِلْحَرَجِ عَلَى الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمَرِيضِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْجِهَادِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) وَيُعْتَبَرُ مَا يُرَدُّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ ضَيَاعًا فَشِدَّةُ الْعُذْرِ فِي مَحَلِّ الْعَدُوِّ أَقْوَى مِنْ الْحَجِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَجَازُهُ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَصْلُهَا مِنْ حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ إلَّا أَنَّهَا بِالْوَاوِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِأَوْ نَظَرًا لِمَا يُتَّفَقُ فِي الْخَارِجِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرَادِ فِي اللَّفْظِ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ يَقْضِيهِ) فَلَوْ لَمْ يُوَكِّلْ لِعَدَمِ مَا يَقْضِيهِ الْآنَ وَحُصُولُهُ بِبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لَكَانَ لَهُ مَنْعُهُ وَسَقَطَ عَنْهُ حِينَئِذٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْأَدَاءِ تَكُونُ إمَّا بِوُجُودِ مِثْلِ الدَّيْنِ كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَعَلَيْهِ كَذَلِكَ وَتَكُونُ بِمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ عُرُوضٌ وَعَلَيْهِ دَنَانِيرُ وَأَنَّ عَدَمَ مَا يَقْضِيهِ الْآنَ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْصِيلِ الدَّيْنِ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَأَخْذٍ وَعَطَاءٍ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ مَنْعُهُ مِنْهُ وَيَسْقُطُ حِينَئِذٍ وَاسْتُشْكِلَ سُقُوطُ خِطَابِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفَاءِ الْحَالِ بِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ وَفَاءَهُ مَطْلًا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَرْكُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَتَرْكُ أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ وَفَاهُ فَلَا وَجْهَ لِسُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْهُ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ غَائِبًا وَتَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ لِعَدَمِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَحَاكِمٍ عَدْلٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ) مَنَعَاهُ مِنْهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ فَيَسْقُطُ. وَأَمَّا لَوْ مَنَعَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ فَانْظُرْ أَيَّهُمَا يُقَدَّمُ أَوْ يُقْرَعُ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْمَانِعُ وَقَوْلُهُ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ، وَلَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا حَيْثُ كَانَ فِي بَلَدِهِ مَنْ يُفِيدُهُ إيَّاهُ وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ أَهْلًا.

(قَوْلُهُ كَطَلَبِ عِلْمٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَاجَةِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ فَرْضُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الْجِهَادِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ لِيَصِيرَ تَشْبِيهًا فِي الْمَنْعِ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَبَيْنَ التِّجَارَةِ لِمَعَاشِهِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهَا بِبَحْرٍ أَوْ بِبَرٍّ خَطِرٍ أَجَابَ عج بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَمَّا كَانَ يَقُومُ بِهِ الْغَيْرُ كَانَ لَهُمَا مَنْعُهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ التِّجَارَةِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ الَّذِي لَهُمَا مَنْعُهُ حَتَّى فِي الْبَرِّ إلَّا مِنْ خُصُوصِ الْجِهَادِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَطَلَبِ عِلْمٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَاجَةِ فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ فِي الْبَرِّ الْآمِنِ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْوَالِدَيْنِ إذَا مَنَعَا مِنْ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ فَلَهُمَا الْمَنْعُ إذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015