يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ وَلَا يَبِرُّ إلَّا بِدَفْعِهِ لَهُ أَوْ لِوَكِيلِهِ وَمِثْلُ الشَّهَادَةِ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ الْمَحْلُوفُ عَلَى وَفَائِهِ عِوَضَ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ وَرَدَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَبِرُّ حَتَّى يُوَفِّيَهُ عِوَضَ الْعَبْدِ ثُمَّ يَرُدَّهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اعْتَرَفَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ حَقُّهُ قَبْلَ حَلِفِ الْمِدْيَانِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَبِرُّ إلَّا بِدَفْعِهِ لَهُ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ (إلَّا بِدَفْعِهِ ثُمَّ أَخْذِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَيْ وَلَا يَبِرُّ الْحَالِفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا بِدَفْعِهِ الْحَقَّ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ حَقِيقَةً كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ إذَا بَلَغَهُ ذَلِكَ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَجَازَ دَفْعَهُ وَبِهَذَا يَصِحُّ مَا قَرَّرَهُ تت مِنْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ.
(ص) لَا إنْ جُنَّ وَدَفَعَ الْحَاكِمُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ فَقَوْلَانِ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا ثُمَّ حَصَلَ لِلْحَالِفِ جُنُونٌ فِي الْأَجَلِ فَإِنْ دَفَعَ الْحَاكِمُ عَنْهُ الدَّيْنَ فِي الْأَجَلِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَبَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ فَدَفَعَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ بَعْدَهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ بِالْحِنْثِ نَظَرًا إلَى يَمِينِهِ وَعَدَمِهِ نَظَرًا إلَى حِينِ النُّفُوذِ وَفِي شَرْحِ (هـ) بَعْدَ أَنْ اسْتَظْهَرَ أَنَّ دَفْعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُ مَقَامَ دَفْعِ الْحَاكِمِ وَأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانَ بِحَلَالٍ كَالْمَجْنُونِ قَالَ ثُمَّ إنَّ الْبَرَاءَةَ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجُنُونِ وَلِيٌّ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ، كَذَا يَنْبَغِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَسِيرُ كَالْمَجْنُونِ وَانْظُرْ هَلْ الْمَفْقُودُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَبِرُّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ وَلَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ مَالِ الْحَاكِمِ وَالْوَلِيِّ مِثْلُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَحْبُوسَ مَتَى أَمْكَنَ الْوُصُولُ لَهُ فَلَا يَبِرُّ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا بَرَّ.
(ص) وَبِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ فِي لَأَقْضِيَنَّكَ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ هُوَ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا وَهُوَ يَظُنُّهُ كَذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ غَدًا يَوْمُ الْخَمِيسِ مَثَلًا فَإِنْ قَضَاهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ إذْ هُوَ مُسَمًّى غَدًا عُرْفًا وَلَا يَضُرُّهُ غَلَطُهُ فِي اسْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ فِيهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ إنَّمَا هُوَ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ لَا تَسْمِيَةُ الْيَوْمِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَى يَوْمِ كَذَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْيَوْمَ الَّذِي سَمَّى فَيَنْوِي إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَشَذَّالِيُّ.
(ص) لَا إنْ قَضَى قَبْلَهُ لَآكُلَنَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي غَدٍ فَعَجَّلَهُ لَهُ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ اقْتَضَتْ أَنَّ الْحَلِفَ إنَّمَا هُوَ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْيَوْمِ، وَلِذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ غَدًا الْمَطْلَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِقَضَائِهِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَكَلَهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الطَّعَامَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْيَوْمُ وَالْغَرِيمُ إنَّمَا الْقَصْدُ مِنْهُ الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ حَمَلَهُ فِي الطَّعَامِ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَفِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَقْصَدِ وَلِذَلِكَ لَوْ قَصَدَ بِالدَّيْنِ اللَّدَدَ بِالتَّأْخِيرِ وَبِالطَّعَامِ الرَّغْبَةَ فِي أَكْلِهِ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا لَانْعَكَسَ الْحُكْمُ وَنَحْوُهُ لِأَشْهَبَ. .
(ص) وَلَا إنْ بَاعَهُ بِهِ عَرْضًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ قَضَى قَبْلَهُ أَيْ فَلَا حِنْثَ وَصُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ تُسَاوِي قِيمَتُهُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ لَمْ يَبِرَّ، وَلَوْ بَاعَهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِجَانِبِ الْبِرِّ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ وَإِنْ كَانَ الْغَبْنُ جَائِزًا فِي مِثْلِ هَذَا.
(ص) وَبِرَّ إنْ غَابَ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ أَوْ مُفَوَّضٍ (ش) أَيْ وَبِرَّ الْحَالِفُ إنْ غَابَ الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ تَغَيَّبَ وَاجْتَهَدَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ بَلْ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي التَّوْضِيحِ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَلَوْ قَضَاهُ بَعْدَ قَبُولِهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ فَأَوَّلًا ذَهَبَ لِقَوْلٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهُنَا ذَهَبَ لِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ) لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا إذْ لَيْسَ هُنَا أَخْذٌ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ إلَّا بِدَفْعِهِ ثُمَّ أَخْذِهِ أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ أَخْذِهِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَصِحُّ إلَخْ) وَرَجَّعَهُ عج لِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَشُبْهَتُهُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ لَا يَشْتَرِطُ دَفْعَهُ بَلْ تَكْفِي إجَازَتُهُ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ بِقَوْلِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَعَلَى كَلَامِهِ يَفُوتُهُ مَسْأَلَةُ الْهِبَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ وَتَرْكِ مُرَاعَاةِ الْبِسَاطِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا هُنَا بِخُصُوصِهِ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ أَبَى الْمَحْلُوفُ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ أَنَا لَا حَقَّ لِي آخُذُهُ فَيَدْفَعُ الْحَالِفُ الْحَقَّ لِلْحَاكِمِ لِأَجْلِ الْبِرِّ ثُمَّ يَأْخُذُ وَلَا يُجْبِرُ الْغَرِيمَ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ فَدَفَعَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ عِلَّةِ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَدْفَعْ عَنْهُ شَيْئًا وَلِذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ انْتَهَى فَهُوَ صَادِقٌ بِعَدَمِ الدَّفْعِ رَأْسًا (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ فَلَا يَبِرُّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ لَعَلَّ ذَلِكَ يُفْرَضُ فِي سَفِيهٍ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ بِأَنْ يَتَدَايَنَ دَيْنًا ثُمَّ يَحْلِفُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَقْضِيهِ حَقَّهُ فِي أَجَلِ كَذَا ثُمَّ جُنَّ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ الْمَفْقُودُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي فَقْدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخْتَارٍ فِيهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا إلَخْ) وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَيَنْوِي إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا) أَيْ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْوِي عِنْدَ الْقَاضِي فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ.
(قَوْلُهُ حَمَلَهُ) أَيْ حَمَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمِينَهُ فِي الطَّعَامِ لِأَنَّ النَّصَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا) وَهُوَ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ وَلَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُمَا مَفْهُومُهُ لَوْ قَصَدَ عَيْنَهُمَا لَمْ يَبِرَّ إلَّا بِدَفْعِهِ الْعَيْنَ وَكَذَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ وَلَا يَبِرُّ إلَّا إذَا حَلَفَ عَلَى نِيَّةِ الْقَضَاءِ الْمُطْلَقِ فَبَاعَهُ بِهِ عَرْضًا (قَوْلُهُ تُسَاوِي قِيمَتُهُ الدَّيْنَ) رَدَّهُ اللَّقَانِيِّ قَائِلًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا