مَا رَأَى ضَمِنَ قِيمَةَ الصَّيْدِ مَجْرُوحًا وَالْمَارُّ مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ وَأَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ بِوُجُودِ آلَةِ الذَّكَاةِ وَعِلْمِهِ بِهَا وَتَرَكَهَا حَتَّى مَاتَ فَلَا يُؤْكَلُ وَالْكِتَابِيُّ كَالْمُسْلِمِ لِأَنَّهَا ذَكَاةٌ لَا عَقْرٌ وَلَا يَأْتِي الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ لِأَنَّهُ هُنَا مِنْ بَابِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَضَمِنَ لِتَرْكِهِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّيْدِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنَّهُ إذَا ذَكَّاهُ ضَمِنَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ وَقَوْلُهُ أَمْكَنَتْهُ صِفَةٌ لِلْمَارِّ.

فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ أَمْكَنَهُ أَيْ وَيَكُونُ الْفِعْلُ مُسْنَدًا إلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَارِّ وَذَكَاتُهُ بِالنَّصْبِ وَيَكُونُ مَسَاقُهُ هَكَذَا وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَ ذَكَاتُهُ أَيْ الْمَارِّ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ إنْ أَمْكَنَ الْإِسْنَادُ إلَى الْمَعْنَى وَإِلَى الذَّاتِ فَإِلَى الْمَعْنَى مُتَعَيِّنٌ كَمَا هُنَا (ص) كَتَرْكِ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ بِيَدِهِ أَوْ بِشَهَادَتِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِغَيْرِهِ بِيَدِهِ كَمِنْ مُحَارَبٍ أَوْ سَارِقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا أَوْ شَهَادَتِهِ لِرَبِّهِ عَلَى جَاحِدٍ أَوْ وَاضِعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إيدَاعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَالِكِهِ وَكَتْمِ الشَّهَادَةِ أَوْ إعْلَامِ رَبِّهِ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْمَالِ بِكُلِّ وَجْهٍ ضَمِنَ دِيَةَ الْحُرِّ وَقِيمَةَ الْعَبْدِ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِإِهْلَاكِهِ بِتَرْكِ تَخْلِيصِهِ قُتِلَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَنْعِ الْمَاءِ الْآتِيَةِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ ثُمَّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ وَمَا بَعْدَهَا إلَّا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الشَّهَادَةَ أَوْ الْوَثِيقَةَ أَوْ عَلِمَ بِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِمَا ذُكِرَ وَتَرَكَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ

(ص) أَوْ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ أَوْ تَقْطِيعِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَمْسَكَ وَثِيقَةً بِحَقٍّ عَنْ صَاحِبِهَا وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا حَتَّى تَلِفَ الْحَقُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا فِيهَا لِصَاحِبِهَا بِلَا خِلَافٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَوْ قَطَعَ الْوَثِيقَةَ الَّتِي فِيهَا الْحَقُّ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي ضَمَانِهِ وَأَيْضًا يَضْمَنُ ثَمَنَ الْوَثِيقَةِ أَيْ الْوَرَقِ

(ص) وَفِي قَتْلِ شَاهِدَيْ حَقٍّ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَاهِدَيْ حَقٍّ لِإِنْسَانٍ تَعَمُّدًا عُدْوَانًا فَضَاعَ بِذَلِكَ الْحَقُّ فَهَلْ يَضْمَنُ هَذَا الْقَاتِلُ الْحَقَّ لِرَبِّهِ لِأَنَّهُ ضَاعَ بِسَبَبِهِ كَتَقْطِيعِ الْوَثِيقَةِ أَوْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْصِدُ ضَيَاعَ الْحَقِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فَهُوَ إنَّمَا تَعَدَّى عَلَى السَّبَبِ لَا عَلَى الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِقَتْلِهِمَا ضَيَاعَ الْحَقِّ وَإِلَّا ضَمِنَ اتِّفَاقًا وَمِثْلُ قَتْلِ شَاهِدَيْ الْحَقِّ قَتْلُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَفُتْهُ عَلَى رَبِّهِ إذْ قَدْ أَكَلَهُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ) فَإِنَّهُ يَقُولُ يَضْمَنُ مَا لَمْ يَأْكُلْهُ رَبُّهُ ضِيَافَةً أَوْ غَفْلَةً (قَوْلُهُ وَالْمَارُّ مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ) وَلَوْ صَبِيًّا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ احْتَرَزَ عَنْ مُرْتَدٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُسْتَحِلِّ مَيْتَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَلْ لَوْ ذَكَّاهُ لَا يَنْفِي ضَمَانُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ لَوْ لِمُذَكِّيهِ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ آلَةِ الذَّكَاةِ) وَلَوْ سِنًّا وَظُفُرًا.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ إلَخْ) هَذَا فِيمَا لَهُ فِيهِ أَمَانَةٌ لَك وَدِيعَةٌ أَوْ رَهْنٌ وَكَذَا مُسْتَعِيرٌ وَمُسْتَأْجِرٌ وَشَرِيكٌ أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِذَبْحِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ عَلَى صِدْقِهِ وَكَذَا مَا لَا أَمَانَةَ لَهُ فَإِنْ ذَكَّاهُ ضَمِنَهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ فَلَوْ تَرَكَ تَذْكِيَتَهُ مَعَ وُجُودِ مَا يُصَدِّقْهُ عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ قَرِينَةٍ كَانَ ضَامِنًا لَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ مَرَّ بِشَاةٍ يَخْشَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَلَمْ يَذْبَحْهَا حَتَّى مَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ رَبُّهُ أَنَّهُ خِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَيَضْمَنُهُ وَلَيْسَ كَالصَّيْدِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلذَّبْحِ اهـ (قُلْت) فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ عَلَى خَوْفِ مَوْتِهَا حَتَّى يَأْمَنَ عَدَمَ تَصَدُّقِ رَبِّهَا كَانَتْ كَالصَّيْدِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَارُّ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَارَّ فَاعِلٌ مَعَ أَنَّ هَذَا الضَّمِيرَ لَيْسَ ضَمِيرَ رَفْعٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَمْكَنَ هُوَ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ) أَيْ احْتَمَلَ.

(قَوْلُهُ مُسْتَهْلَكٍ) أَيْ مُتَوَجِّهٍ لِلْهَلَاكِ (قَوْلُهُ بِيَدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَرَكَ أَيْ تَرَكَ تَخْلِيصَهُ بِسَبَبِ إمْسَاكِ يَدِهِ عَنْ تَخْلِيصِهِ وَأَمَّا جُعِلَ بِيَدِهِ مُتَعَلِّقًا بِتَخْلِيصٍ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحَ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُ " بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ " عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّخْلِيصَ لَيْسَ بِإِمْسَاكِ الْوَثِيقَةِ بَلْ تَرْكُ التَّخْلِيصِ حَصَلَ بِإِمْسَاكِهَا. وَقَوْلُهُ بِيَدِهِ أَيْ قُدْرَتُهُ وَلَوْ بِلِسَانِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ وَإِذَا خَلَصَ بِمَالٍ ضَمِنَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ وَاتَّبَعَ بِهِ إذَا أُعْدِمَ. وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّخْلِيصُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ وَلَوْ بِدَفْعِ مَالِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ حَيْثُ تَوَقَّفَ خَلَاصُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُوَاسَاةِ الْآتِيَةِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ ذَلِكَ مَالٌ خَلَصَ بِهِ مُسْتَهْلِكٌ فَشَمَلَهُ قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدَى مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ لَا مَالَ أُنْفِقَ عَلَى نَفْسٍ مُسْتَهْلِكَةٍ عَاقِلَةً وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ كَفَضْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِخِفَّةِ أَمْرِهِمَا.

(قَوْلُهُ أَوْ بِشَهَادَتِهِ) أَيْ بِأَنْ رَأَى فَاسِقَيْنِ يَشْهَدَانِ بِقَتْلٍ أَوْ دَيْنٍ زُورًا فَتَرَكَ التَّجْرِيحَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِإِهْلَاكِهِ إلَخْ) هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ مَنْ أَمْكَنَهُ إنْفَاذُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ كَانَ إتْلَافُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اهـ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ إنْ تَرَكَ الْإِنْقَاذَ عَمْدًا ضَمِنَ دِيَةَ عَمْدٍ وَإِنْ تَرَكَ خَطَأً ضَمِنَ دِيَةَ خَطَإٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ لِلْخِلَافِ فِي الدِّيَةِ الَّتِي يَضْمَنُهَا هَلْ دِيَةُ عَمْدٍ أَوْ دِيَةُ خَطَإٍ قَالَهُ شَيْخُنَا قُلْت وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ دِيَةُ خَطَإٍ مُطْلَقًا وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَهَادَتِهِ اُنْظُرْ عج نَعَمْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اسْتِظْهَارًا فَقَالَ يَنْبَغِي الْقَتْلُ مَعَ الْعَمْدِ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ إلَخْ) أَيْ كَعَفْوٍ عَنْ دَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا حَيْثُ لَا سِجِلَّ لَهَا وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا يَغْرَمُ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْهُ.

(قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ مِنْ التَّرَدُّدِ ضَمَانُ الْمَالِ وَلَوْ قَتَلَهُمَا خَطَأً وَالْعَمْدُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ تَعَمُّدًا عُدْوَانًا) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ حَيْثُ قَالَ وَفِي قَتْلِ شَاهِدَيْ حَقٍّ لِعَدَاوَةٍ أَوْ خَطَإٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ اتِّفَاقًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَطْعًا لِأَنَّ التَّرَدُّدَ هُنَا لِوَاحِدٍ وَهُوَ بَعْضُ شُيُوخِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ إلَخْ) أَيْ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015