النَّاسِيَ وَالْجَاهِلَ بِخِلَافِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ أَبَانَ رَأْسَهَا بِذَبْحِهَا جَهْلًا أُكِلَتْ اتِّفَاقًا اهُوَ الضَّمِيرُ فِي قَصْدِهِ لِلْإِبَانَةِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الِانْفِصَالِ وَلِذَلِكَ أَعَادَ الضَّمِيرَ مُذَكَّرًا وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ ابْتِدَاءً يُرِيدُ وَقَدْ حَصَلَ مَا قَصَدَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْكَلَامِ

(ص) وَدُونَ نِصْفٍ أُبِينَ مَيْتَةً إلَّا الرَّأْسَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلْبَ أَوْ الْبَازَ إذَا قَطَعَ مِنْ الصَّيْدِ دُونَ نِصْفِهِ وَلَمْ يَبْلُغْ مَقَاتِلَهُ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الدُّونَ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ وَيُؤْكَلُ مَا عَدَاهُ اتِّفَاقًا فَلَوْ أَبَانَ الْجَارِحُ مِنْ الصَّيْدِ دُونَ نِصْفِهِ إلَّا أَنَّهُ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّ جَمِيعِهِ لِأَنَّ الصَّيْدَ لَا يَعِيشُ مَعَ ذَلِكَ أَبَدًا وَلِهَذَا لَوْ أَبَانَ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازُ رَأْسَ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ مَعَ رَأْسِهِ وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَهُ الْجَارِحُ فَقَطَعَهُ نِصْفَيْنِ وَقَوْلُهُ أَبَيْنَ أَيْ انْفَصَلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمُتَعَلِّقٍ بِجِلْدٍ أَوْ بِيَسِيرِ لَحْمٍ

(ص) وَمَلَكَ الصَّيْدَ الْمُبَادِرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا رَآهُ جَمَاعَةٌ وَكُلٌّ مِنْهُمْ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ فَبَادَرَ أَحَدُهُمْ وَأَخَذَهُ أَوْ بَادَرَ غَيْرُهُمْ وَأَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ لَا لِمَنْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ لَهُ فَلَوْ تَدَافَعُوا عَنْهُ وَلَمْ يَدَعْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَصِلُ إلَيْهِ قُضِيَ بِهِ لَهُمْ خَوْفَ أَنْ يَقْتَتِلُوا عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ فَبَيْنَهُمْ) ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت هَذَا إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَأَمَّا بِمَمْلُوكٍ فَلِرَبِّهِ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِالتَّنَازُعِ التَّدَافُعُ وَلَوْ قَالَ وَإِنْ تَدَافَعَ قَادِرٌ وَكَانَ أَحْسَنَ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ هُنَاكَ تَنَازُعٌ مِنْ غَيْرِ تَدَافُعٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَدَّ) إلَى أَنَّ الصَّيْدَ إذَا هَرَبَ مِنْ صَاحِبِهِ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي هَرَبَ مِنْهُ مَلَكَهُ بِصَيْدٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ صَائِدِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) ثُمَّ اصْطَادَهُ شَخْصٌ آخَرُ فَهُوَ لِلثَّانِي الَّذِي اصْطَادَهُ لَا لِمَنْ هَرَبَ مِنْهُ وَسَوَاءٌ طَالَ مَقَامُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ طَالَ زَمَنُ نُدُودِهِ أَمْ لَا وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ إنَّهُ لِلْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَحْيَا مَا دَثَرَ مِمَّا أَحْيَاهُ غَيْرُهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِكِهِ بِإِحْيَاءٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَأَمَّا لَوْ أَحْيَا أَرْضًا وَدَثَرَ مَا أَحْيَاهَا بِهِ مِنْ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلثَّانِي اهـ بِالْمَعْنَى وَحِينَئِذٍ فَتَلْتَفِتُ النَّفْسُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصَّيْدَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَوْزِ صَائِدِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ إلَّا بِعُسْرٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلُ فِيهِ مِلْكٌ بِخِلَافِ مَا أَحْيَاهُ بِالْبِنَاءِ ثُمَّ دَثَرَ الْبِنَاءُ

(ص) لَا إنْ تَأَنَّسَ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا كَانَ قَدْ تَأَنَّسَ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ فَأَخَذَهُ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ وَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ لِلثَّانِي أُجْرَةَ تَعَبِهِ وَنَفَقَتِهِ فِي تَحْصِيلِهِ وَالْوَاوُ فِي وَلَمْ يَتَوَحَّشْ وَاوُ الْحَالِ وَاعْتَرَضَ إعْطَاءَ الْأُجْرَةِ لِلثَّانِي بِمَسْأَلَةِ -

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَدُونَ) اسْتَعْمَلَ دُونَ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ فَلَا يَكُونُ ظَرْفًا كَمَا فِي " بَيْنُ " مِنْ قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] فَإِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْبُعْدِ وَفَتْحَتُهُ فِي قِرَاءَةِ الْفَتْحِ لِحِكَايَتِهِ لَمَّا كَانَ ظَرْفًا فَرَفْعُهُ مُقَدَّرٌ فِي النُّونِ وَقَدْ تُفْتَحُ دُونَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَمَيْتَةٌ خَبَرُهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْإِخْبَارُ عَنْ الدُّونِ بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ لَا الْعَكْسُ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَدُونَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمَوْصُولِ وَإِبْقَاءِ صِلَتِهِ وَالْمَوْصُولُ إذَا عُلِمَ يَجُوزُ حَذْفُهُ أَيْ مَا دُونَ وَهَذَا أَوْلَى مَا يَخْرُجُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ عَدَمُ تَصَرُّفِ دُونَ.

(قَوْلُهُ مَيْتَةٌ) كَأَنْ يَحْيَا بَعْدَ هَذَا أَوْ لَا بَلَغَ الْجَوْفَ أَمْ لَا فَلَوْ أَبَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُلُثَهَا مَثَلًا ثُمَّ أَبَانَ ثَانِيًا سُدُسَهَا فَلَا تُؤْكَلُ نَظَرًا لِمَا بَقِيَ بَعْدَ كُلٍّ أَوْ يُؤْكَلُ مَا انْفَصَلَ أَوَّلًا وَثَانِيًا نَظَرًا لِمَا بَقِيَ ثَانِيًا لِأَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ الثَّانِيَةِ النِّصْفُ أَوْ يُقَالُ الثُّلُثُ الْمُزَالُ أَوَّلًا لَا يُؤْكَلُ وَالسُّدُسُ الْمُزَالُ ثَانِيًا يُؤْكَلُ كَأَكْلِ النِّصْفِ الْبَاقِي (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ إلَّا الرَّأْسَ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَنِصْفُ الرَّأْسِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ انْفَصَلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمُتَعَلِّقٍ بِجِلْدٍ) أَيْ مِمَّا لَا يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَ وَكَانَ يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ أُكِلَ جَمِيعُهُ بِالْجُرْحِ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلٌ بِسَبَبِهِ.

(قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ) الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ مَا يَشْمَلُ مَا إذَا صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا فِي يَدِهِ كَكَسْرِ رِجْلِهِ أَوْ قَفْلِ مَطْمُورَةٍ أَوْ سَدَّ حِجْرِهِ عَلَيْهِ وَذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَا يَحْفِرُ بِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَفَتَحَهُ وَأَخَذَهُ فَهُوَ لِمَنْ سَدَّهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِمَمْلُوكٍ فَلِرَبِّهِ) قَضِيَّةُ مَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي حِلِّ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ لَا يَطْرُدَهُ إلَخْ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكَ عَلَى أَنَّهُ مَسْكُونٌ وَلَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ النَّقْلَ الْعُمُومُ (قَوْلُهُ فَهُوَ لِلثَّانِي) أَيْ دُونَ مَا عَلَيْهِ مِنْ حُلِيٍّ كَقُرْطٍ وَقِلَادَةٍ فَيَرُدُّهُ لِرَبِّهِ إنْ عَرَفَ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ وَحَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لِلثَّانِي ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا تَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَأَنَّسَ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ فِي كَوْنِهِ لِلثَّانِي حِينَ نُدُودِهِ أَنْ يَتَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ وَإِلَّا فَلِلْأَوَّلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا إنْ تَأَنَّسَ إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَسَوَاءٌ طَالَ مَقَامُهُ إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مِنْ طَالَ مَقَامُهُ شَأْنُهُ التَّأَنُّسُ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ مِنْ الْمَعْلُومِ إنْشَائِهِ أَنْ يَتَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ لَا إنْ تَأَنَّسَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَحْيَاهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ إلَخْ) أَيْ فَاَلَّذِي اشْتَرَاهُ دَثَرَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَحْيَاهُ ثُمَّ دَثَرَ فَأَحْيَاهُ شَخْصٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهُ وَمُفَادُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا إذَا أَحْيَاهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يُحْيِهِ (قَوْلُهُ بِإِحْيَاءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَالِكُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الثَّالِثِ وَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ أَحْيَا أَرْضًا دَثَرَ مَا أَحْيَاهَا بِهِ مِنْ الْبِنَاءِ) أَيْ ثُمَّ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا أَحْيَاهَا بِالْبِنَاءِ ثُمَّ دَثَرَ الْبِنَاءُ) هَذَا مَوْجُودٌ فِي الصُّورَةِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا بِأَنَّهُ يَكُونُ لِلثَّانِي وَانْظُرْ لَوْ ادَّعَى الصَّائِدُ الثَّانِي أَنَّ هُرُوبَهُ هُرُوبُ انْقِطَاعٍ وَتَوَحُّشٍ وَادَّعَى الْأَوَّلُ ضِدَّهُ وَلَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ يَعْمَلُ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي قَسْمُهُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015