قَوْلُهُ: بِلَا إحْرَامٍ أَيْ إحْرَامٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ أَيْ إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ وَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ فَيُجْزِئُهُ وَلَا دَمَ وَقِيلَ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَفِي الْهَدْيِ قَوْلَانِ، ثُمَّ إنَّ الْأَلْيَقَ لِلْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ دَخَلَ مَكَّةَ، أَوْ قَارَبَهَا. . . إلَخْ إلَى هُنَا إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَصْرِ مَا دَامَ حَصْرُهُ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا مُحَاوَلَةٌ؛ لِذَلِكَ فِي تَقْرِيرِهِ.

(ص) وَحَبَسَ هَدْيَهُ مَعَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ (ش) فَاعِلُ حَبَسَ الْمَرِيضُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ الْمَرَضِ فَيَنْحَرَ هَدْيَهُ إذَا بَلَغَ مَحَلَّهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ لِطُولِ زَمَانِ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يَبْعَثُهُ إلَى مَكَّةَ إنْ أَمْكَنَ لِيُنْحَرَ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُرْسِلُهُ مَعَهُ ذَكَّاهُ بِأَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَرِيضِ فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إنْ أَمْكَنَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ إذَا حَبَسَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ نَحَرَهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ (ص) وَلَمْ يَجْزِهِ عَنْ فَوَاتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْصُورَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ هَدْيُ تَطَوُّعٍ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِيهِ عَنْ دَمِ الْفَوَاتِ سَوَاءٌ بَعَثَ بِهِ إلَى مَكَّةَ، أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِصُحْبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يَجْزِي عَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ مَعَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ، أَوْ لِحَيْضٍ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الْإِرْدَافِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَاكَ وَهُوَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQظُلْمًا إلَّا أَنَّ عج بَعْدَ أَنْ قَالَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَ مَا نَصُّهُ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْبَيْتِ إنَّمَا يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهَذَا مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْبَيْتِ وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَيُخَصُّ قَوْلُهُمْ بِغَيْرِ هَذِهِ، ثُمَّ إنَّهُ قَدْ بَانَ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَالْإِفَاضَةُ بِعَدُوٍّ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَقَطْ ظُلْمًا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ أَيْضًا وَهَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوَّلًا أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْهُ.

وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ إلَّا مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِالْحَبْسِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ الْمُحْصَرُ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ وَاعْلَمْ أَنَّ ح ذَكَرَ هُنَا مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُحْصَرَ عَلَى قِسْمَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ حُصِرَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ وَفِيهِ صُورَتَانِ لِأَنَّهُ تَارَةً يُحْصَرُ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ مِنْ مَكَّةَ فَهَذَا يَحِلُّ مَكَانَهُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، أَوْ بِالنِّيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّامِلُ وَسَوَاءٌ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَتَارَةً يَكُونُ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْهَا فَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، أَوْ عَنْهُ وَعَنْ عَرَفَةَ حَلَّ مَكَانَهُ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ حُصِرَ بِهِ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ مَكَانَهُ أَيْضًا بِمَا تَقَدَّمَ وَلَكِنْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ كَمَا إذَا حُصِرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ.

الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْحَصْرُ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنْهَا، وَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُحْصَرَ عَنْ الْوُقُوفِ خَاصَّةً فَهَذَا يَحِلُّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ حُصِرَ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ، وَإِمَّا أَنْ يُحْصَرَ عَنْ الْبَيْتِ خَاصَّةً بِأَنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِحَصْرٍ عَنْهُ، أَوْ عَنْهُ وَعَنْ عَرَفَةَ فَهَلْ يَحِلُّ مَكَانَهُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ، أَوْ النِّيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ اللَّخْمِيِّ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ يَجْرِي فِيمَنْ حُصِرَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ دُخُولِهَا مُطْلَقًا أَوْ فِيمَنْ حُصِرَ بِمَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْهَا قَبْلَ دُخُولِهَا أَيْضًا عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا، أَوْ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ حُصِرَ بِهِ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَهَلْ يَتَحَلَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَدَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ.

وَأَمَّا إنْ حُصِرَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ إنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا إنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ إلَى قَوْلِهِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ فِيمَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَعَنْ عَرَفَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ يَجْرِي فِيمَنْ حُصِرَ عَنْ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا كَانَ الْحَصْرُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ اتِّفَاقًا، أَوْ بِمَكَانٍ قَرِيبٍ فِيمَنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ أَوْ عَنْهَا وَعَنْ عَرَفَةَ وَكَذَا مَنْ حُصِرَ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ فِي هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَكُلُّ هَذَا فِيمَنْ حُصِرَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ.

وَأَمَّا مَنْ حُصِرَ بَعْدَ مَا دَخَلَهَا أَوْ قَارَبَهَا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِالنَّحْرِ وَالْحِلَاقِ اهـ لَفْظُ عج ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَيْ إحْرَامٌ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ الْمُصَاحِبِ لِلْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ وَمَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ) أَيْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَإِذَا دَخَلَهَا فَلَا يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَفِي الْهَدْيِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَصْرِ) أَيْ الْحَصْرِ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ.

(قَوْلُهُ فَاعِلُ حَبَسَ الْمَرِيضُ) أَيْ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ كَذَا فِي عب وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْحَبْسِ بِحَقٍّ كَالْمَرَضِ أَقُولُ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْخَطَأُ بِعَدَدٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمَرِيضِ) شَامِلٌ لِلْمَحْصُورِ بِعَدُوٍّ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا وَقَالَ عج فَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ إرْسَالُهُ: أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَأَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ أَرْسَلَهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ فَإِنَّهُ يُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ بِأَيِّ مَحَلٍّ وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ فَهَدْيُ الْمَرِيضِ يُحْبَسُ مَعَهُ وَلَوْ أَمْكَنَ إرْسَالُهُ وَهَدْيُ غَيْرِ الْمَرِيضِ يَذْبَحُهُ، أَوْ يَنْحَرُهُ بِمَحَلِّهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْحَبْسِ وَالْإِرْسَالِ حَيْثُ قِيلَ بِهِ فَهُوَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ مَنْدُوبٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ سَنَدٍ، وَأَمَّا فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ فَوَاجِبٌ وَجَعَلَ ز الْحَبْسَ وَاجِبًا وَأَطْلَقَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْهَدْيِ الْوَاجِبِ فَلَا يُخَالِفُ مَا لِسَنَدٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015