النَّفَقَةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ رَجَعَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرْطٌ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الضَّيَاعِ لِتَعَذُّرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ أَظْهَرَهُ فِي مَكَانِهِ، أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ إذَا كَانَ فِي الثُّلُثِ فَضْلَةٌ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ تَمَادَى بَعْدَ التَّلَفِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ إلَى مَوْضِعِ التَّلَفِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ مَوْضِعِ الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِيهِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ أَحْسَنُ انْتَهَى.

إلَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَرْجِعُ فِي بَاقِيهِ (ص) وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ حَصَلَ الضَّيَاعُ لِنَفَقَةِ أَجِيرِ الْبَلَاغِ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ أَوْ الْفَرَاغِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى إحْرَامِهِ إذْ الْحَجُّ لَا يُرْتَفَضُ وَنَفَقَتُهُ فِي تَمَادِيهِ، وَرُجُوعُهُ عَلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ فِي تَرْكِ إجَارَةِ الضَّمَانِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا ضَاعَتْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَتَبَيَّنَ لَهُ الضَّيَاعُ بَعْدَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا ضَاعَتْ بَعْدَهُ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْفَرَاغَ لَيْسَ كَالضَّيَاعِ؛ لِأَنَّ الْفَرَاغَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ، وَلَوْ قُسِّمَ) إلَى أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ عَلَى الْبَلَاغِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تَكُونُ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يُقَسَّمْ، بَلْ وَلَوْ قُسِّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) وَأَجْزَأَ إنْ قَدَّمَ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ (ش) يَعْنِي: لَوْ اشْتَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فِي عَامٍ بِعَيْنِهِ فَحَجَّ عَنْهُ فِي عَامٍ قَبْلَ ذَلِكَ الْعَامِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْمُسْتَأْجَرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْجِيلِ دَيْنٍ يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى اقْتِضَائِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِ الْمَوْسِمِ إلَّا إرَادَةَ التَّوْسِعَةِ عَلَيْهِ أَيْ: فِي زَمَنِ فِعْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ فَتَأْخِيرُهُ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَيَتَعَجَّلُ إنْ شَاءَ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِجْزَاءُ، وَلَوْ كَانَ الْعَامُ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ كَكَوْنِ وَقْفَتُهُ بِالْجُمُعَةِ، فَإِنْ قِيلَ لَا شَكَّ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ فَمَا مَعْنَى الْإِجْزَاءِ عَنْ الْمَيِّتِ قُلْنَا: مَعْنَاهُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَجِيرِ مِمَّا الْتَزَمَهُ لِيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ.

(ص) أَوْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ وَرَجَعَ بِقِسْطِهَا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى الْحَجِّ إذَا تَرَكَ الزِّيَارَةَ أَيْ: زِيَارَةَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْ الْعُمْرَةَ الْمُشْتَرَطَتَيْنِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَجِّ أَيْ: أَوْ الْمُعْتَادَيْنِ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِقِسْطِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، فَقَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ أَيْ: وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِسْطِهَا أَيْ: الزِّيَارَةِ، وَمِثْلُهَا الْعُمْرَةُ (ص) أَوْ خَالَفَ أَفْرَادَ الْغَيْرَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمَيِّتُ وَإِلَّا فَلَا (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: قَدَّمَ أَيْ: إنَّ الْوَارِثَ إذَا شَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ مُفْرِدًا فَخَالَفَ الْأَجِيرُ وَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّ الْحَجَّ يُجْزِئُ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَصِلَ إلَى مَكَان مُسْتَعْتَبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ) أَيْ: وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ، وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ أَيْ: وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا إجَارَةُ بَلَاغٍ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي إجَارَةِ بَلَاغٍ بِدُونِ وَصِيَّةٍ مِنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ) وَإِلَى هَذَا الْقَيْدِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ إلَخْ أَيْ: وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ إذَا كَانَ إلَخْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا عَلَى الْأَجِيرِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَحْسَنُ أَيْ: مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ أَيْ: وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهُ فِي الثُّلُثِ فَيَرْجِعُ فِي بَاقِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَوَّلًا جَمَعَ الثُّلُثَ وَعَلَيْهِ رَاضُوهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَمَعْنَى هَذَا الْقَيْدِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: سَابِقًا أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ يَقِينًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ) بِمَا تَقَدَّمَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ وَلِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْهُ فَعَلَى الْعَاقِدِ وَصِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَقُلْ فِي الْعَقْدِ: هَذَا جَمِيعُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ لَيْسَ لَك يَا أَجِيرُ غَيْرُهُ فَهَذِهِ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ.

(قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ قُسِّمَ إلَخْ) رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا قُسِّمَ فَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَجِيرِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يُوصِ بِالْبَلَاغِ، فَإِذَا أَوْصَى بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُقَسَّمْ، بَلْ وَلَوْ قُسِّمَ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ إذَا أَوْصَى بِالْبَلَاغِ ثُمَّ قُسِّمَ الثُّلُثُ وَضَاعَتْ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ بَهْرَامَ، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الضَّيَاعُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقُلْنَا يَتَمَادَى، وَقَدْ كَانَ أَوْصَى بِالْبَلَاغِ، وَقَدْ قُسِّمَ الثُّلُثُ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ النَّقْلِ مَا يَقُولُ ذَلِكَ الْقَائِلُ، وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخَرَّجٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ: فَإِنْ كَانَ قَدْ قُسِّمَ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ مِنْ ثُلُثِهِ فَاشْتُرِيَ وَلَمْ يَتَعَدَّ لَهُ الْعِتْقُ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ وَقَدْ اقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ الْمَالَ فَقَدْ قِيلَ: يُشْتَرَى عَبْدٌ آخَرُ مِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا قَالَ بَهْرَامُ، وَانْظُرْ كَيْف خَرَجَ الْخِلَافُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ مَنْصُوصٌ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ إلَّا إرَادَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ ابْتِدَاءً وَقَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَلَى الْكَرَاهَةِ ابْتِدَاءً أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَجْزَأَ، وَمَفْهُومُ تَقَدَّمَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إنْ أَخَّرَ عَنْ عَامِ الشَّرْطِ كَمَا يُفِيدُهُ، قَوْلُهُ: وَفَسَخَهُ ثُمَّ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا إرَادَةَ التَّوَسُّعَةِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ الْحَجُّ فِي وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ كَكَوْنِ وَقْفَتِهِ بِالْجُمُعَةِ) كَيْفَ يُعْلَمُ كَوْنُ الْوَقْفَةِ بِالْجُمُعَةِ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةِ.

(قَوْلُهُ: بِقِسْطِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ) ، سَوَاءٌ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِيَأْتِيَ بِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015