أَمَّا لَوْ بَطَلَ صَوْمُهُ بِمَا لَيْسَ بِسَبَبِهِ كَأَكْلِهِ نَاسِيًا، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا عَدَا الْوَطْءَ وَمُقَدَّمَاتِهِ كَحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ قَضَى مُتَّصِلًا كَانَ الصَّوْمُ نَذْرًا مُعَيَّنًا، أَوْ مُبْهَمًا، أَوْ وَاجِبًا غَيْرَهُمَا فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَفِي قَضَائِهِ وَعَدَمِهِ قَوْلَا عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ ظَاهِرِهَا وَعَبْدُ الْمَلِكِ أَيْضًا مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ، وَلَوْ قُرِئَ مُبْطِلُ صَوْمِهِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ عَائِدًا ضَمِيرُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَكِفِ دَخَلَ فِيهِ الْحَائِضُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُفْطِرُ نَاسِيًا، وَهُوَ فَاسِدٌ، أَمَّا الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ فَعَمْدُهَا وَسَهْوُهَا سَوَاءٌ فِي الْإِفْسَادِ كَمَا يَأْتِي وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَكْلِ أَنَّهَا مِنْ مَحْظُورَاتِ الِاعْتِكَافِ بِخِلَافِهِ وَلِهَذَا يَأْكُلُ فِي غَيْرِ زَمَنِ الصَّوْمِ.

(ص) وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إذَا سَكِرَ بِشَيْءٍ حَرَامٍ لَيْلًا وَأَوْلَى نَهَارًا فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ يَبْطُلُ وَإِنْ صَحَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَمَّا بِحَلَالٍ فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُ يَوْمِهِ إنْ حَصَلَ السُّكْرُ نَهَارًا كَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهِمَا مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ فِي الْإِغْمَاءِ: أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا أَوْ جُلَّهُ، أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلُكْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤَلِّفَ جَرَى عَلَى تَقْيِيدِ كَوْنِ السُّكْرِ حَرَامًا، قَوْلُهُ: (وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ) غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّوْمِ كَقَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَغَصْبٍ وَسَرِقَةٍ (بِهِ) أَيْ بِالسُّكْرِ الْحَرَامِ بِجَامِعِ الذَّنْبِ، وَهُوَ فَهْمُ الْعِرَاقِيِّينَ وَعَدَمِ إلْحَاقِهَا بِهِ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهَا بِتَعْطِيلِ الزَّمَنِ، وَهُوَ فَهْمُ الْمَغَارِبَةِ (تَأْوِيلَانِ) وَفُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ إبْطَالِهِ بِالصَّغَائِرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ.

(ص) وَبِعَدَمِ وَطْءٍ وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ وَلَمْسٍ وَمُبَاشَرَةٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصِحَّتِهِ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّ صِحَّةَ الِاعْتِكَافِ كَائِنَةٌ بِعَدَمِ وَطْءٍ وَبِعَدَمِ قُبْلَةِ شَهْوَةٍ فَإِنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ، أَوْ وَجَدَهَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ فَلَوْ قَبَّلَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى، أَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَلَا قَصَدَ اللَّذَّةَ وَلَا وَجَدَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِبُنْيَانٍ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ، أَوْ جُنُونٍ لِأَنَّهُمَا، وَإِنْ خَرَجَا مِنْ الْمُعْتَكَفِ عَلَيْهِمَا حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَلِذَا يَرْجِعُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَبْطَلَ صَوْمَهُ) أَشَارَ لِهَذَا عج فَقَالَ وَيَقْضِي الْيَوْمَ الَّذِي حَصَلَ لَهُ فِيهِ ذَلِكَ وَاصِلًا لَهُ بِاعْتِكَافِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا بِحَسَبِ الْأَصْلِ، أَوْ بِالنَّذْرِ، وَلَوْ تَعْيِينًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنَّهُ إنْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ لَمْ يَقْضِهِ، فَإِنْ قُلْت: مَا ذَكَرْته مِنْ قَضَاءِ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ قُلْت: الصَّوْمُ هُنَا لَمَّا انْضَمَّ لَهُ اعْتِكَافٌ وَهُوَ مُشْبِهٌ لِلْحَجِّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ، وَفِي مَنْعِ الْجِمَاعِ وَمُقَدَّمَاتِهِ فِيهِ لَيْلًا تَقَوَّى جَانِبُ الصَّوْمِ فَلِهَذَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ، وَهَذَا الْجَوَابُ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي التَّطَوُّعِ نَاسِيًا، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّوْمَ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي الِاعْتِكَافِ تَقَوَّى جَانِبُهُ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ أَوْجَبْتُمْ الْقَضَاءَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِي التَّطَوُّعِ دُونَ مَنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ مَعَ أَنَّهُ فِي كُلٍّ غَيْرُ مُتَسَبِّبٍ فِي حُصُولِ الْمَانِعِ؟ قُلْت: النَّاسِي مَعَهُ نَوْعُ تَفْرِيطٍ مَعَ مَا انْضَمَّ لَهُ مِنْ الِاعْتِكَافِ الْمُوجِبِ لِقَضَائِهِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ اُنْظُرْ عج.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ عج أَنَّ مَنْ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ تَطَوُّعًا وَحَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ أَوْ الْحَيْضُ، أَوْ النِّفَاسُ فَإِنَّهُ يَقْضِيه مُتَّصِلًا مُعْتَكِفًا، إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونَ: إذَا اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ فَمَرِضَ ثُمَّ خَرَجَ رَمَضَانُ ثُمَّ أَفَاقَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ وَلْيَعْتَكِفْ فِيهِ اهـ.

وَمُرَادُهُ الْمَنْذُورُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيهِ كَلَامُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: كَانَ الصَّوْمُ نَذْرًا مُعَيَّنًا) أَيْ: وَطَرَأَ الْحَيْضُ أَوْ النِّفَاسُ، أَوْ الْمَرَضُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ وَإِلَّا فَلَا يَقْضِي كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ، أَوْ جُنُونٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَاسِيًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ بِأَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ مُتَعَمِّدًا فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، كَانَ الصَّوْمُ مَنْذُورًا مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَوْ وَاجِبًا غَيْرَهُمَا كَرَمَضَانَ مَثَلًا، أَوْ تَطَوُّعًا، وَأَمَّا إذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا، أَوْ كَانَ ذَلِكَ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ فَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ وَيَبْنِي مَعَ الْقَضَاءِ، لَكِنَّ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ الْمَنْذُورِ مُطْلَقًا مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَوْ وَاجِبًا غَيْرَهُمَا كَرَمَضَانَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي التَّطَوُّعِ فَفِي الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا قَضَاءَ، وَفِي النِّسْيَانِ قَوْلَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْقَضَاءُ.

(قَوْلُهُ: قَوْلَا عَبْدِ الْمَلِكِ) أَيْ: فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا مَنْ أَكَلَ يَوْمًا مِنْ اعْتِكَافِهِ نَاسِيًا يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا يُقْضَى فِيهِ بِالنِّسْيَانِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: عَائِدًا ضَمِيرُهُ إلَخْ) ، وَالْمَعْنَى: وَكَالشَّيْءِ الْعَارِضِ الَّذِي أَبْطَلَ صَوْمَهُ مِنْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ فِطْرٍ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ فَاسِدٌ) وَإِنَّمَا كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ وَالْعِيدِ فَإِنَّهَا لَا تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ كَمَا سَيَأْتِي وَكَلَامُهُ هُنَا فِي الْبُطْلَانِ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ وَعَدَمُهُ فَسَيَأْتِيَانِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: بِفِطْرِ الْغِذَاءِ

(قَوْلُهُ: وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا) قَالَ بَعْضٌ: وَكُلُّ مُخَدِّرٍ، فَلَوْ شَرِبَ كُلَّ مَا يَعْتَرِيهِ مِنْهُ تَغْيِيبٌ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ لِصَوْمٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ دَخَلَ تَحْتَ الْمُفْسِدِ لِلصَّوْمِ مُوَالَاةُ النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ حَتَّى أَمَذَى فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ اعْتِكَافِهِ (قَوْلُهُ: فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ) أَيْ: لَا فِي نَقْلِ الْأَقَلِّ فَفِيهَا الْخِلَافُ

(قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ وَطْءٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ) مِنْ بَابِ إضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَبَّلَ صَغِيرَةً إلَخْ) ، وَأَمَّا الْوَطْءُ لَيْلًا فَيُبْطِلُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مُطِيقَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَدْنَاهُ أَنْ يَكُونَ كَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ وَلَمْسٍ فَهُوَ كَالْوُضُوءِ لَا كَالصِّيَامِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً الْإِجْمَاعُ يُوجِبُ الْغُسْلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015