أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا، بَلْ يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ أَنْزَلَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ إنْزَالَهَا دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهَا بِوَجْهٍ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ اتِّفَاقًا، وَلَا مَفْهُومَ لِلْقُبْلَةِ وَالْمُرَادُ أَكْرَهَهَا عَلَى مَا عَدَا الْجِمَاعَ، وَأَمَّا لَوْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْجِمَاعِ هُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: أَوْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا

. (ص) وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ رَجُلٍ لِيُجَامِعَ قَوْلَانِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى مُجَامَعَةِ شَخْصٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرَهِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - مُطْلَقًا وَكَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ - بِالْكَسْرِ - إنْ كَانَ الْمُكْرَهُ - بِالْفَتْحِ - رَجُلًا وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً كَفَّرَ عَنْهَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْ الْكَفَّارَةُ الْمُكْرِهَ - بِالْكَسْرِ - فِيمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ - بِالْفَتْحِ - رَجُلًا نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ وَسَقَطَتْ عَنْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ نَظَرًا لِإِكْرَاهِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: لِيُجَامِعَ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ شَخْصًا عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ لَا يُكَفِّرُ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، ذَكَرَهُ س فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ لِأَنَّ الْجِمَاعَ أَشَدُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَنْقُولَ فِيمَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى الشُّرْبِ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَكْلُ مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِانْتِشَارَ دَلِيلٌ عَلَى الِاخْتِيَارِ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْمُكْرَهَ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - عَلَى الْأَكْلِ، أَوْ الشُّرْبِ لَا يُكَفِّرُ فَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ: " وَفِي تَكْفِيرِ " إلَخْ وَقَالَ وَعَنْ أَمَةٍ وَطِئَهَا نِيَابَةً كَمُكْرِهِ امْرَأَةٍ عَلَيْهِ فَلَا يَصُومُ إلَخْ لَأَتَى بِالْمَشْهُورِ مَعَ كَوْنِهِ أَشْمَلَ مِمَّا ذَكَرَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ

. (ص) لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا (ش) الْأَوْلَى عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ: بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ فَهُوَ مُحْتَرِزُهُ وَجَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يَذْكُرُ الْأَحْكَامَ وَيَعْطِفُ عَلَيْهَا مُحْتَرِزَاتِهَا كَقَوْلِهِ: وَشَرْطٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ لَا كَزِبْلٍ وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ؛ وَعَدَمِ نَهْيٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ أَيْ: وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ لَا إنْ اسْتَنَدَ تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ نَاسِيًا ثُمَّ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا ظَانًّا الْإِبَاحَةَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهَذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ إلَى قَوْلِهِ: فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ أَمْثِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ، وَإِنْ كَانَ شُبْهَةُ بَعْضٍ أَضْعَفَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ ذَكَرَ سِتَّةَ أَمْثِلَةٍ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَنْ كَانَ جُنُبًا، أَوْ حَائِضًا قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ فَاعْتَقَدَ أَنَّ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَلْزَمُهُ فَأَفْطَرَ عَامِدًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ) وَلَمْ يَحْكِ الْمُؤَلِّفُ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ خِلَافًا إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ عُذْرُ هَذَا أَضْعَفُ مِمَّا قَبْلَهُ؛ وَلِهَذَا يُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ، وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ فَظَنَّ أَنَّ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَلْزَمُهُ فَأَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَامِدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرُ مَأْخُوذَةٍ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ كَالْأَجْنَبِيِّ

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا) أَيْ: وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا أَيْضًا عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ إنْزَالَهَا دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهَا بِوَجْهٍ) أَيْ: بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَهُوَ الْإِنْزَالُ أَيْ: لَا بِاعْتِبَارِ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُخْتَارَةٍ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْوَجْهَ غَيْرُ الْإِنْزَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ فَإِنْ قِيلَ الْخِلَافُ لَا يَتَقَيَّدُ بِإِنْزَالِهِمَا مَعًا كَمَا قَرَّرْنَا، بَلْ إنْزَالُهَا فَقَطْ كَإِنْزَالِهِمَا فَلِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا أُجِيبُ: بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَنْهَا فَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَأْتِي هُنَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ إلَخْ

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهٍ رَجُلٍ عَلَى قِرَاءَةِ كَسْرِ الرَّاءِ كَمَا هُوَ مُفَادُ شَارِحِنَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ شَارِحِنَا قِرَاءَةُ مُكْرِهٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ التَّكْفِيرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لِيُجَامِعَ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ إلَخْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقْرَأُ بِالْكَسْرِ وَحَمَلَهُ عب عَلَى فَتْحِ الرَّاءِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرَهٍ رَجُلٍ أَيْ: رَجُلٍ مُكْرَهٍ بِالْفَتْحِ لِيُجَامِعَ أَيْ: هَلْ يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ، أَوْ لَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا فِي الْجُمْلَةِ؟ قَوْلَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ: وَضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِلْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ اتِّفَاقًا اهـ.

وَهُوَ تَابِعٌ لِلْحَطَّابِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ فِي الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا: وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُهَا.

(تَنْبِيهٌ) : إنْ أَكْرَهَ امْرَأَةً كَفَّرَ عَنْهَا إنْ أَكْرَهَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَكْرَهَهَا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُكْرِهْ الرَّجُلَ كَفَّرَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَنْهَا فَقَطْ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ الْوَاطِئُ أَيْضًا: نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ: بَيْنَ مَنْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ) أَيْ: قَرِيبًا جِدًّا حَيْثُ قَالَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: لَأَتَى بِالْمَشْهُورِ) أَيْ: مِنْ أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَقَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِ أَشْمَلَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ امْرَأَةً أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً

(قَوْلُهُ: لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فَعِنْدَنَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَصَوْمُهُ صَحِيحٌ، وَمَنْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاَلَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ خَارِجٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَعُذْرُ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِي الْفِطْرِ فِيهِ قُوَّةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا يُوجِبُ الْقَضَاءَ فَيَكُونُ الصَّوْمُ بَاطِلًا، وَأَمَّا مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا عُذْرُهُ أَضْعَفُ مِنْ حَيْثُ إنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَمَا هُوَ بَاطِلٌ إلَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ الَّذِي هُوَ مُحْتَرَزٌ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ بِخِلَافِ عَطْفِهِ عَلَى تَعَمَّدَ فَلَا تَظْهَرُ مُقَابَلَتُهُ إلَّا لِقَوْلِهِ لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا لَا لِمَا بَعْدَهُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ) أَيْ: الْجَارِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ فِيهَا أَقْوَالًا ثَلَاثَةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015