وَدِرْهَمًا وَفِلْقَةَ طَعَامٍ تُلْتَقَطُ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ شُرْبًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: (بِفَمٍ فَقَطْ) مِمَّا يَصِلُ مِنْ نَحْوِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ فَإِنَّهُ لَا يُكَفِّرُ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ كَمَا عَلِمْت مُعَلِّلَةٌ بِالِانْتِهَاكِ الَّذِي أَخَصُّ مِنْ الْعَمْدِ وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا لَا تَتَشَوَّقُ إلَيْهِ النُّفُوسُ.

(ص) وَإِنْ بِاسْتِيَاكٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ اسْتِيَاكٍ بِرَطْبٍ مُغَيِّرٍ لِلرِّيقِ عَلَى مَا صَوَّبَهُ الْبَاجِيُّ أَيْ: فِي تَعَمُّدِ ابْتِلَاعِهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِقَوْلِهِ: (بِجَوْزَاءَ) وَهُوَ قِشْرٌ يُتَّخَذُ مِنْ أُصُولِ الْجَوْزِ وَأَكْثَرُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَالْهِنْدِ نَعَمْ هِيَ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهَا لِمَا نَقَلَ بَعْضٌ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ اسْتَاكَ بِهَا لَيْلًا وَأَصْبَحَتْ عَلَى فِيهِ نَهَارًا قَضَى، وَإِنْ اسْتَاكَ بِهَا نَهَارًا قَضَى وَكَفَّرَ

. (ص) ، أَوْ مَنِيًّا (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَ الْمَنِيِّ بِلَا جِمَاعٍ فِي الْفَرْجِ بَلْ بِقُبْلَةٍ لَا لِوَدَاعٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ فِي غَيْرِ الْفَمِ فِي زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْإِنْعَاظُ أَمْ لَا، قَصَدَ الِالْتِذَاذَ أَمْ لَا كَرَّرَهَا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ وَمِثْلُ الْقُبْلَةِ: اللَّمْسُ، وَالْمُبَاشَرَةُ، وَأَمَّا النَّظَرُ وَالْفِكْرُ فَيُشْتَرَطُ إدَامَتُهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ) ، أَوْ نَظَرٍ مِمَّنْ عَادَتُهُ الْإِنْزَالُ مِنْهُمَا، أَوْ السَّلَامَةُ مِنْهُ تَارَةً دُونَ أُخْرَى أَمَّا إنْ كَانَتْ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ وَإِنْ أَدَامَهُمَا فَقَدْرُ خِلَافِهَا فَلَا كَفَّارَةَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ص) إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّهُ فِي النَّظَرِ وَالْفِكْرِ خَاصَّةً كَمَا قَرَّرْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَنَقَلَ بَعْضٌ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ عَامًّا فِي جَمِيعِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْمَذْيِ الْقَضَاءَ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ سَبَبُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي الْإِنْعَاظِ قَوْلَانِ الْأَشْهَرُ الْقَضَاءُ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِإِدَامَةِ فِكْرٍ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ مَعَ عَدَمِ الِاسْتِدَامَةِ بَلْ الْقَضَاءُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَعْسُرَ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا لِلْمَشَقَّةِ وَهُنَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ وَجَوَابٌ عَنْهُ اُنْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

(ص) وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ فَتَأْوِيلَانِ (ش) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ بِأَنَّهُ إنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا قَالَتْ: وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ النَّظَرَ فَأَمْنَى، أَوْ أَمْذَى فَلْيَقْضِ فَقَطْ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إذَا قَصَدَ بِالنَّظْرَةِ الْأُولَى اللَّذَّةَ فَأَمْنَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَاخْتُلِفَ هَلْ كَلَامُ الْقَابِسِيِّ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، أَوْ خِلَافٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ تَأْوِيلَانِ لِيُوَافِقَ النَّقْلَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ فَأَمْنَى بِمُجَرَّدِهِ فَقِيلَ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْقَابِسِيِّ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَقِيلَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُكَفِّرُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ مِنْ أَنَّهُ يُكَفِّرُ وَكَأَنَّهُ يَرَاهَا مُعَلَّلَةً بِالْعَمْدِ، أَوْ يَرَى هَذَا انْتِهَاكًا (قَوْلُهُ: الَّذِي أَخَصُّ مِنْ الْعَمْدِ) فِيهِ أَنَّ الِانْتِهَاكَ عَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِالْحُرْمَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ (قَوْلُهُ: قَضَى) أَيْ: إنْ ابْتَلَعَهَا وَلَا كَفَّارَةَ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ الِابْتِلَاعَ (قَوْلُهُ: قَضَى وَكَفَّرَ) أَيْ: إذَا ابْتَلَعَهَا وَلَوْ غَلَبَةً بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعْمَلَهَا لَيْلًا وَابْتَلَعَهَا نَهَارًا غَلَبَةً فَلَا كَفَّارَةَ، وَأَمَّا إذَا ابْتَلَعَهَا عَمْدًا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ

(قَوْلُهُ: كَرَّرَهَا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ تَابَعَ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ وَاللَّمْسَ وَالْمُلَاعَبَةَ فِيهَا الْكَفَّارَةُ وَلَوْ مَرَّةً عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ رَاجِعٌ لِلْمُبَالِغِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرٍ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا أَخْذًا لَهَا مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ فَتَأْوِيلَانِ فَإِنَّ التَّاءَ فِي نَظْرَةٍ لِلْوَحْدَةِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَدَامَ النَّظَرَ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلَيْنِ، وَلَا تُؤْخَذُ إدَامَةُ النَّظَرِ مِمَّا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ فَيَصْدُقُ بِعَدَمِ إدَامَةِ الْفِكْرِ فَقَطْ، وَبِعَدَمِ إدَامَتِهِ وَإِدَامَةِ غَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِنْعَاظِ إلَخْ) أَيْ: الْإِنْعَاظِ مِنْ غَيْرِ مَذْيٍ وَلَا مَنِيٍّ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَهُنَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) هُوَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ عَلَى الْأَحْسَنِ؛ لِأَنَّهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ فِي هَذَيْنِ اخْتِيَارٌ، وَإِنَّمَا اخْتِيَارُهُ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ حَيْثُ خَالَفَ فِيهِمَا عَادَتَهُ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَظْهَرُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ يَقُولُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

(فَرْعٌ) الرِّدَّةُ مُبْطِلَةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ إذَا رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ أَمْنَى بِنَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهَا اللَّذَّةَ، أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ فَالْأَوَّلُ عَلَى الْوِفَاقِ، وَالثَّانِي عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تُصَرِّحْ بِالتَّعَمُّدِ، وَالْقَابِسِيُّ لَمْ يَقُلْ الْتَذَّ، بَلْ قَالَ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَصْدِ الْوُجُودُ (قَوْلُهُ: مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ) مُفَادُهُ أَنَّ الْقَابِسِيَّ أَنَاطَ الْكَفَّارَةَ بِالتَّعَمُّدِ مَعَ أَنَّ الْقَابِسِيَّ لَمْ يُنِطْهَا بِهِ، بَلْ إنَّمَا أَنَاطَهَا بِقَصْدِ اللَّذَّةِ كَمَا قَالَهُ نَعَمْ هَذَا الْكَلَامُ صَحِيحٌ عَلَى نَقْلٍ آخَرَ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا: نَظَرَ الصَّائِمُ نَظْرَةً مُتَعَمِّدًا فَأَنْزَلَ إنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبَارَتَيْنِ غَيْرُ ظَاهِرَتَيْنِ عَلَى مَا نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْقَابِسِيِّ، وَأَمَّا عَلَى نَقْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ صَاحِبُ النُّكَتِ فَتَصِحُّ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ.

(تَنْبِيهٌ) : التَّأْوِيلُ بِالْكَفَّارَةِ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ عَدَمُهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ لِلَّذَّةِ وَلَوْ الْتَذَّ مِنْ غَيْرِ مُتَابَعَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ تَكْثُرَ مِنْهُ بِمُجَرَّدِهِ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَنْكِحًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلْمَشَقَّةِ كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَمَنْ أَمْنَى لِقُبْلَةِ وَدَاعٍ، أَوْ رَحْمَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015