وَتَطَوُّعٌ قَبْلَ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ (ش) أَيْ: وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ التَّطَوُّعُ بِعِبَادَةٍ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا قَبْلَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعِبَادَةِ مِنْ نَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ قَضَاءٍ لِمَا عَلَيْهِ مِنْهَا لِارْتِهَانِ الذِّمَّةِ بِذَلِكَ فَيَسْعَى فِي بَرَاءَتِهَا فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ تَطَوُّعُهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الزَّمَنِ لِشَيْءٍ مِنْهَا ثُمَّ يَأْتِي بِمَا عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَجُوزُ فِي زَمَنِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ وَانْظُرْ هَلْ تَطَوُّعُهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا لِتَعَيُّنِ الزَّمَنِ لِغَيْرِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّطَوُّعِ قَبْلَهُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ بِهِ قَبْلَ زَمَنِهِ

. (ص) وَمَنْ لَا تُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ وَلَا غَيْرُهَا كَأَسِيرٍ كَمَّلَ الشُّهُورَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الَّذِي لَا تُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ غَيْرَهُ كَأَسِيرٍ وَمَحْبُوسٍ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي حَقِّهِ أَنْ يُكْمِلَ الشُّهُورَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَمَا لَوْ غُمَّ الْهِلَالُ أَشْهُرًا كَثِيرَةً فَإِنَّهُ يُكْمِلُ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَهَذَا إذَا عَلِمَ الْأَشْهُرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: بَعْدُ وَإِنْ الْتَبَسَتْ وَظَنَّ شَهْرًا صَامَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: لَا تُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ وَلَا غَيْرُهَا مِنْ الَّذِي يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَطْلُوقِينَ فَيَعْمَلُ عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ.

(ص) وَإِنْ الْتَبَسَتْ وَظَنَّ شَهْرًا صَامَهُ وَإِلَّا تَخَيَّرَ (ش) يَعْنِي: فَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُ الشُّهُورِ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ مَعْرِفَةِ الْأَهِلَّةِ أَوْ الْتِبَاسِهَا فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ شَهْرٌ أَنَّهُ رَمَضَانُ بَنَى عَلَى ظَنِّهِ وَصَامَهُ وَإِنْ اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الِاحْتِمَالَاتُ تَخَيَّرَ شَهْرًا وَصَامَهُ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَحْصُلُ لَهُ الظَّنُّ مَعَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الِالْتِبَاسِ وَهُوَ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا لَبْسَ مَعَ الظَّنِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالِالْتِبَاسِ عَدَمَ التَّحَقُّقِ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ شَامِلٌ لِلظَّنِّ.

(ص) وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَلَى ظَنِّهِ أَوْ تَخَيَّرَ ثُمَّ زَالَ الِالْتِبَاسُ بِوَجْهٍ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ أَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِهَذَا أَيْ وَأَجْزَأَ الشَّهْرُ الَّذِي تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَامَهُ بَعْدَ رَمَضَانَ اتِّفَاقًا وَيَكُونُ قَضَاءً عَنْهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بِالْعَدَدِ) إلَى أَنَّهُ إذَا صَامَ شَهْرًا مُتَأَخِّرًا عَنْ رَمَضَانَ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامُهُ كَأَيَّامِ رَمَضَانَ فِي الْعَدَدِ فَلَوْ صَامَ شَوَّالًا وَهُمَا كَامِلَانِ أَوْ نَاقِصَانِ قَضَى يَوْمًا وَالْكَامِلُ رَمَضَانُ فَيَوْمَيْنِ وَبِالْعَكْسِ لَا قَضَاءَ وَكَذَلِكَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَامَ ذَا الْحِجَّةِ لَا يَعْتَدُّ بِيَوْمِ الْعِيدِ وَلَا بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيَعْتَبِرُ مَا بَقِيَ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ: هُنَا بِالْعَدَدِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ لِهَذَا حُكْمًا يَخُصُّهُ غَيْرَ مَا يَأْتِي فَيُجْزِئُ مَا تَبَيَّنَ، وَلَوْ نَاقِصًا لِعُذْرِهِ وَعَدَمِ تَعَمُّدِهِ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ: (لَا قَبْلَهُ) أَيْ لَا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي صَامَهُ قَبْلَ رَمَضَانَ فَلَا يُجْزِئُهُ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ: عَطْفًا عَلَى مُتَعَلِّقِ الظَّرْفِ الْمَنْفِيِّ.

(ص) أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ (ش) أَيْ: أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ بَلْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ وَلَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَكٌّ غَيْرُهُ فَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ قَبْلَهُ وَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ إلَّا بِيَقِينٍ وَيُجْزِئُهُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهُ وَحَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُثْبَتِ بَعِيدٌ وَلِرَابِعِهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: التَّطَوُّعُ بِعِبَادَةٍ مِنْ صَوْمٍ) أَيْ: صِيَامٍ غَيْرِ مُؤَكَّدٍ، وَأَمَّا الْمُؤَكَّدُ كَعَاشُورَاءَ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ ابْنِ رُشْدٍ فِي تَرْجِيحِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ تَطَوُّعًا، أَوْ قَضَاءً ثَالِثُهَا سَوَاءٌ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَاةٍ) أَيْ: مَنْذُورَةٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلَوَاتٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّنَفُّلُ، وَفِي شَرْحِ شب أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، أَوْ قَضَائِهِ خَاصٌّ بِالصَّوْمِ، وَأَمَّا الَّذِي قَبْلَهُ فَهُوَ عَامٌّ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ فِي زَمَنِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ شب تُفِيدُ جَرَيَانَ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) وَهُوَ الظَّاهِرُ.

(قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ شَهْرًا وَصَامَهُ) هَذَا إذَا تَسَاوَتْ جَمِيعُ الشُّهُورِ عِنْدَهُ فِي الشَّكِّ فِيهَا فَلَوْ شَكَّ فِي شَهْرٍ قَبْلَ صَوْمِهِ هَلْ هُوَ شَعْبَانُ، أَوْ رَمَضَانُ وَقَطَعَ فِيمَا عَدَاهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ رَمَضَانَ؟ صَامَ شَهْرَيْنِ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ شَعْبَانُ، أَوْ رَمَضَانُ، أَوْ شَوَّالٌ؟ فَإِنَّهُ يَصُومُ شَهْرَيْنِ أَيْضًا، وَلَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ رَمَضَانُ، أَوْ شَوَّالٌ وَقَطَعَ فِيمَا عَدَاهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ رَمَضَانَ؟ صَامَ شَهْرًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ شَوَّالًا كَانَ قَضَاءً قَالَهُ ح.

اُنْظُرْ ح وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ رَجَبٌ، أَوْ شَعْبَانُ، أَوْ رَمَضَانُ هَلْ يُطَالَبُ بِالثَّلَاثَةِ؟ وَكَذَا يُقَالُ فِي أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالِالْتِبَاسِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ يُدْفَعُ الْإِيرَادُ عَلَى التَّحْقِيقِ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا مَجَازٌ وَالْمَجَازُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ وَلَا قَرِينَةَ قُلْت: هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ وُجُودَ الْقَرِينَةِ، فَإِنْ قُلْت مَا عَلَاقَةُ الْمَجَازِ قُلْت: مَجَازًا مُرْسَلًا عَلَاقَتُهُ التَّقْيِيدُ؛ لِأَنَّ الِالْتِبَاسَ هُوَ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أُطْلِقَ وَأُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ السُّنُونَ فَلَا يُجْزِئُ شَعْبَانُ الثَّانِيَةِ عَنْ رَمَضَانَ الْأُولَى وَلَا شَعْبَانُ الثَّالِثَةِ عَنْ رَمَضَانَ الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا، وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ حَيْثُ قَدَّرَ: تَبَيَّنَ، وَالْأَوْلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا مَا قَبْلَهُ مَوْصُولَةٌ، أَوْ مَوْصُوفَةٌ (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى مُتَعَلِّقِ الظَّرْفِ الْمَنْفِيِّ) وَهُوَ لَا إنْ تَبَيَّنَ، وَمُرَادُهُ مُطْلَقُ الِارْتِبَاطِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ بِحَسَبِ تَقْدِيرِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ كَائِنٌ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي صَامَهُ كَائِنٌ قَبْلَ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) أَيْ: فِي الظَّانِّ وَالْمُتَخَيِّرِ؛ لِأَنَّ الظَّانَّ شَاكٌّ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ أَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ لَا مَا قَبْلَهُ جَارٍ فِيهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ رُشْدٍ، ثُمَّ هَلْ فِيمَا إذَا بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ يُطَالَبُ بِالصَّوْمِ، أَوْ يَصْبِرُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْأَمْرَ؟ وَمَالَ إلَيْهِ الْبَدْرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى نَقْلٍ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْأَمْرَ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يَجْزِمُ بِمُضِيِّ شَهْرِ رَمَضَانَ فِيهَا، فَإِنْ قُلْت هُوَ فِي الشَّكِّ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافَهُ قُلْت: إنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ مَعَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ قَائِمًا عِنْدَهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَهَابُ وَقْتِهِ فَطُلِبَ مِنْهُ أَوَّلًا؛ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ وَقْتِهِ، وَثَانِيًا لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ وَقْتِهِ عَنْ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَسَلْسَلْ لِلْحَرَجِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَهُوَ عَلَى الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفًا عَلَى الْمُثْبَتِ) أَيْ: الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ: وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ، وَالتَّقْدِيرُ وَأَجْزَأَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015