مُخَالَفَةً لِلْهَوَى فِي طَاعَةِ الْمَوْلَى فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ النَّهَارِ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ إنْ أَمْكَنَ فِيمَا عَدَا زَمَنَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَأَيَّامَ الْأَعْيَادِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا أَيْ: الْفَمُ وَالْفَرْجُ فَيَقُومُ مَقَامَ الْفَمِ الْأَنْفُ وَنَحْوُهُ، فَإِنَّ الْوَاصِلَ مِنْهُ لِلْجَوْفِ أَوْ لِلْحَلْقِ مُفَطِّرٌ، وَيَقُومُ مَقَامَ الْفَرْجِ اللَّمْسُ الْمُوجِبُ لِلْفِطْرِ.
(ص) يَثْبُتُ رَمَضَانُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ (ش) أَيْ: تَتَقَرَّرُ حَقِيقَتُهُ وَتُوجَدُ فِي الْخَارِجِ بِكَمَالِ شَعْبَانَ أَيْ: مَعَ الْغَيْمِ أَيْ: إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ مُغَيِّمَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُصْحِيَةً فَلَا يَثْبُتُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ وَيُكَذَّبَانِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ: بِكَمَالِ شَعْبَانَ أَيْ: إذَا ثَبَتَ أَوَّلُهُ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ رَمَضَانَ غَيْرَ مُضَافٍ إلَى شَهْرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ لِخَبَرِ «إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ» ، وَثَالِثُهَا يَجُوزُ بِقَرِينَةٍ كَصُمْنَا رَمَضَانَ، وَيُكْرَهُ بِدُونِهَا كَجَاءَ رَمَضَانُ؛ لِمَا قِيلَ إنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَذْهَبَانِ فَاسِدَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، فَقَدْ صَنَّفَ جَمَاعَةٌ لَا يُحْصَوْنَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يُثْبِتُوهُ، وَمَا رُوِيَ فِيهِ مِنْ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ
. (ص) أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ (ش) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَحَذْفِ مَفْعُولِهِ أَيْ: أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ هِلَالَهُ وَهُمَا الذَّاكِرَانِ الْمُكَلَّفَانِ الْحُرَّانِ الْمُسْلِمَانِ، فَلَا يُصَامُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ، وَلَا عَدْلٍ وَامْرَأَةٍ، وَلَا عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ خِلَافًا لِزَاعِمِيهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاسِمِ، وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ، وَنِصْفِ شَعْبَانَ وَكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِرُؤْيَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا عَدَمِيَّةٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَبَّدَنَا بِهِ كَالصَّلَاةِ وَأَمَرَنَا بِهِمَا فَهُوَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ كَهِيَ، وَقَدْ عُلِمَ بِالْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فَعَلَ أَمْرًا كَانَ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ نَهْيًا عَلَى الْمُخْتَارِ فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عِبَادَةٌ عَدَمِيَّةٌ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ مَنْ قَالَ عَدَمِيَّةٌ أَرَادَ أَنَّهُ لَا صُورَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ حِسِّيَّةٌ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: مُخَالَفَةً) أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْإِمْسَاكِ ذَا مُخَالَفَةٍ لِلْهَوَى وَأَرَادَ بِذَلِكَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا لِلصَّائِمِ لَا أَنَّ الصَّوْمَ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ لَصَحَّ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: اللَّمْسُ الْمُوجِبُ لِلْفِطْرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْفِطْرَ عَلَى مَا سَيَأْتِي إلَّا الْمَذْيُ، أَوْ الْمَنِيُّ فَلَمْ يَكُنْ اللَّمْسُ هُوَ الْمُوجِبُ لِذَاتِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَائِمًا مَقَامَ الْفَرْجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَاهِبًا لِقَوْلٍ ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: أَيْ تَتَقَرَّرُ حَقِيقَتُهُ وَتُوجَدُ) أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَعَمْ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُسَهِّلٌ لِتَعْمِيمِهِ كَذَا قَرَّرَ، ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ تَتَقَرَّرُ حَقِيقَتُهُ فِي الْخَارِجِ أَيْ: بِحَسَبِنَا لَا بِحَسَبِ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَإِلَّا فَعِنْدَ اللَّهِ قَدْ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ قَمَرٌ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ تَتَقَرَّرُ حَقِيقَتُهُ فِي الْخَارِجِ، بَلْ يُرَادُ يَثْبُتُ عِنْدَنَا أَيْ: يَتَحَقَّقُ وُجُوبُ الصَّوْمِ عِنْدَنَا.
(قَوْلُهُ: بِكَمَالِ شَعْبَانَ) ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا مُتَعَدِّدَةً وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ تت، وَذَكَرَ عج أَنَّهُ يُقَيِّدُ قَوْلَهُ: بِكَمَالِ شَعْبَانَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَالَ قَبْلَهُ أَرْبَعَةٌ عَلَى الْكَمَالِ وَإِلَّا جُعِلَ شَعْبَانُ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَالَى خَمْسَةُ أَشْهُرٍ عَلَى الْكَمَالِ كَمَا لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةٌ عَلَى النَّقْصِ عِنْدَ مُعْظَمِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ، وَرَدَّهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَمَالِ شَعْبَانَ وَلَوْ تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا، وَكَذَا مُحَشِّي تت اعْتَرَضَ عَلَى عج (قَوْلُهُ: وَيُكَذَّبَانِ) أَيْ: الشَّاهِدَانِ بِهِلَالِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ) تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلَيْنِ: عَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَالتَّفْصِيلِ فَقَدْ حُذِفَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ الْكَرَاهَةُ قَطْعًا لِدَلَالَةِ الْقَوْلِ بِالتَّفْصِيلِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِلْقَوْلِ بِالْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا وَجْهُ دَلَالَتِهِ لِلْقَوْلِ بِالتَّفْصِيلِ فَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ إلَّا أَنَّ الْقَرِينَةَ تُفِيدُ عَدَمَ إرَادَةِ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ، وَإِرَادَةِ الشَّهْرِ فَلَا ضَرَرَ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَائِهِ) قَالَ فِي ك، وَرَمَضَانُ إنْ صَحَّ أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَغَيْرُ مُشْتَقٍّ، وَرَاجِعٌ إلَى مَعْنَى الْغَافِرِ أَيْ: يَمْحُو الذُّنُوبَ وَيَمْحَقُهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ: وَالْمَذْهَبَانِ فَاسِدَانِ وَالتَّقْدِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى
. (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ مَفْعُولَ رُؤْيَةٍ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ الْبَصَرِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ، وَهَذَا الْجَوَابُ لِلتَّتَّائِيِّ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: إضَافَةُ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَحَذْفُ مَفْعُولِهِ وَهُوَ الْهِلَالُ لِوُضُوحِهِ، وَأَرَادَ بِالْعَدْلَيْنِ مَا قَابَلَ الْمُسْتَفِيضَةَ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ: الْحُرَّانِ الْمُسْلِمَانِ إلَى آخِرِ مَا يَذْكُرُ فِي تَعْرِيفِهِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ فَاسِقٍ تَارِكًا مَا لَا يَلِيقُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ هِلَالَهُ) أَيْ: لِصَوْبٍ وَاحِدٍ، أَوْ لَا وَلَكِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَلَوْ ادَّعَيَا رُؤْيَتَهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الطَّلَبُ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَرَ رُؤْيَتَهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَامُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ) أَيْ: لَا يَصُومُ النَّاسُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ.
وَأَمَّا هُوَ فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: وَلَا عَدْلٍ وَامْرَأَةٍ) أَيْ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ بَهْرَامُ: وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، أَوْ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ (قَوْلُهُ: وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ) هَذِهِ الْمَوَاسِمُ الْمُشَارُ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاسِمِ، وَعَاشُورَاءُ وَنِصْفُ شَعْبَانَ مَوْسِمٌ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُطْلَبُ فِيهِ، وَالْمَوَاسِمُ جَمْعُ مَوْسِمٍ الزَّمَنُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ وَلَمْ يُرِدْ بِعَرَفَةَ مَوْضِعَ الْوُقُوفِ بَلْ أَرَادَ بِهِ زَمَنَهُ وَهُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ بِعَاشُورَاءَ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَقَوْلُهُ: كَحُلُولِ دَيْنٍ أَيْ: كَزَمَنِ حُلُولِ دَيْنٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ إكْمَالِ الْعِدَّةِ أَيْ: زَمَنِ إكْمَالِ الْعِدَّةِ فَزَمَنُ حُلُولِ الدَّيْنِ تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَزَمَنُ إكْمَالِ الْعِدَّةِ تَعَلَّقَ بِهِ حِلِّيَّةُ النِّكَاحِ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِالْهِلَالِ عِلْمُ التَّوَارِيخِ أَيْ: هَذَا إذَا أُرِيدَ بِالْهِلَالِ الزَّمَانُ الْمُتَقَدِّمُ، وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ الزَّمَانُ الْمُتَعَلِّقُ بِحُلُولِ حَادِثَةٍ كَوِلَادَةٍ، أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُبْحَثُ عَنْهُ فِي عِلْمِ التَّوَارِيخِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك الْمُسَامَحَةُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْهِلَالِ نَفْسَ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ، وَعِلْمُ التَّوَارِيخِ هُوَ الْعِلْمُ الْمُبَيَّنُ فِيهِ حُدُوثُ مَا يَحْدُثُ فِي الْأَزْمِنَةِ كَمَا قُلْنَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ التَّارِيخُ تَعْرِيفُ الْوَقْتِ مِنْ حَيْثُ